Hud • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ لَمْ يَكُونُوا۟ مُعْجِزِينَ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ۘ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ ۚ مَا كَانُوا۟ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُوا۟ يُبْصِرُونَ ﴾
“Never can they elude [their final reckoning, even if they remain unscathed] on earth: never will they find anyone who could protect them from God. [In the life to come] double suffering will be imposed on them for having lost the ability to hear [the truth] and having failed to see [it].”
قوله تعالى : أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرونقوله تعالى : أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض أي فائتين من عذاب الله . وقال ابن عباس : لم يعجزوني أن آمر الأرض فتنخسف بهم .وما كان لهم من دون الله من أولياء يعني أنصارا ، و " من " زائدة . وقيل : ما بمعنى الذي تقديره : أولئك لم يكونوا معجزين ، لا هم ولا الذين كانوا لهم من أولياء من دون الله ; وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - .يضاعف لهم العذاب أي على قدر كفرهم ومعاصيهم .ما كانوا يستطيعون السمع " ما " في موضع نصب على أن يكون المعنى : بما كانوا يستطيعون السمع .وما كانوا يبصرون ولم يستعملوا ذلك في استماع الحق وإبصاره . والعرب تقول : جزيته ما فعل وبما فعل ; فيحذفون الباء مرة ويثبتونها أخرى ; وأنشد سيبويه :أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشبويجوز أن تكون " ما " ظرفا ، والمعنى : يضاعف لهم أبدا ، أي وقت استطاعتهم السمع والبصر ، والله سبحانه يجعلهم في جهنم مستطيعي ذلك أبدا . ويجوز أن تكون ما نافية لا موضع لها ; إذ الكلام قد تم قبلها ، والوقف على العذاب كاف ; والمعنى : ما كانوا يستطيعون في الدنيا أن يسمعوا سمعا ينتفعون به ، ولا أن يبصروا إبصار مهتد . قال الفراء : ما [ ص: 20 ] كانوا يستطيعون السمع ; لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ . وقال الزجاج : لبغضهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفقهوا عنه . قال النحاس : وهذا معروف في كلام العرب ; يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان إذا كان ذلك ثقيلا عليه .