Hud • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍۢ مِّن رَّبِّى وَءَاتَىٰنِى رَحْمَةًۭ مِّنْ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَٰرِهُونَ ﴾
“Said [Noah]: "O my people! What do you think? If [it be true that I am taking my stand on a clear evidence from my~ Sustainer, who has vouchsafed unto me grace from Himself - [a revelation] to which you have remained blind-: [if this be true,] can we force it on you even though it be hateful to you?”
قوله تعالى : قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أي على يقين ; قاله أبو عمران الجوني . وقيل : على معجزة ; وقد تقدم في " الأنعام " هذا المعنى .وآتاني رحمة من عنده أي نبوة ورسالة ، عن ابن عباس ; وهي رحمة على الخلق . وقيل : الهداية إلى الله بالبراهين . وقيل : بالإيمان والإسلام .فعميت عليكم أي عميت عليكم الرسالة والهداية فلم تفهموها . يقال : عميت عن كذا ، وعمي علي كذا أي لم أفهمه . والمعنى : فعميت الرحمة ; فقيل : هو مقلوب ; لأن الرحمة لا تعمى إنما يعمى عنها ; فهو كقولك : أدخلت في القلنسوة رأسي ، ودخل الخف في رجلي . وقرأها الأعمش وحمزة والكسائي فعميت بضم العين وتشديد الميم على ما لم يسم فاعله ، أي فعماها الله عليكم ; وكذا في قراءة أبي فعماها ذكرها الماوردي ." أنلزمكموها " قيل : شهادة أن لا إله إلا الله . وقيل : الهاء ترجع إلى الرحمة . وقيل : إلى البينة ; أي أنلزمكم قبولها ، وأوجبها عليكم ؟ ! وهو استفهام بمعنى الإنكار ; أي لا يمكنني أن أضطركم إلى المعرفة بها ; وإنما قصد نوح - عليه [ ص: 25 ] السلام - بهذا القول أن يرد عليهم . وحكى الكسائي والفراء أنلزمكموها بإسكان الميم الأولى تخفيفا ; وقد أجاز مثل هذا سيبويه ، وأنشد :فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغلوقال النحاس : ويجوز على قول يونس [ في غير القرآن ] أنلزمكمها يجري المضمر مجرى المظهر ; كما تقول : أنلزمكم ذلك .وأنتم لها كارهون أي لا يصح قبولكم لها مع الكراهة عليها . قال قتادة : والله لو استطاع نبي الله نوح - عليه السلام - لألزمها قومه ولكنه لم يملك ذلك .