Ibrahim • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ وَبَرَزُوا۟ لِلَّهِ جَمِيعًۭا فَقَالَ ٱلضُّعَفَٰٓؤُا۟ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًۭا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍۢ ۚ قَالُوا۟ لَوْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَٰكُمْ ۖ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍۢ ﴾
“And all [mankind] will appear before God [on the Day of Judgment]; and then the weak will say unto those who had gloried in their arrogance: "Behold, We were but your followers: can you, then, relieve us of something of God's chastisement?" [And the others] will answer: "If God would but show us the way [to salvation], we would indeed guide you [towards it]. It is [now] all one, as far as we are concerned, whether we grieve impatiently or endure [our lot] with patience: there is no escape for us!"”
قوله : وبرزوا لله جميعا أي برزوا من قبورهم ، يعني يوم القيامة . والبروز الظهور . والبراز المكان الواسع لظهوره ; ومنه امرأة برزة أي تظهر للناس ; فمعنى ، برزوا ظهروا من قبورهم . وجاء بلفظ الماضي ومعناه الاستقبال ، واتصل هذا بقوله : وخاب كل جبار عنيد أي وقاربوا لما استفتحوا فأهلكوا ، ثم بعثوا للحساب فبرزوا لله جميعا لا يسترهم عنه ساتر . " لله " لأجل أمر الله إياهم بالبروز .فقال الضعفاء يعني الأتباعللذين استكبروا وهم القادة .إنا كنا لكم تبعا يجوز أن يكون " تبع " مصدرا ; التقدير : ذوي تبع . ويجوز أن يكون جمع تابع ; مثل حارس وحرس ، وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وباقر وبقر .فهل أنتم مغنون أي دافعون عنا من عذاب الله من شيء أي شيئا ، و " من " صلة ; يقال : أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى ، وأغناه إذا أوصل إليه النفع .قالوا لو هدانا الله لهديناكم أي لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه . وقيل : لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها . وقيل ; لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه ." سواء علينا " هذا ابتداء خبره " أجزعنا " أي : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي من مهرب وملجأ . ويجوز أن يكون بمعنى المصدر ، وبمعنى الاسم ; يقال : حاص فلان عن كذا أي فر وزاغ يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا ; والمعنى : ما لنا وجه نتباعد به عن النار . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول أهل النار إذا اشتد بهم العذاب تعالوا نصبر فيصبرون خمسمائة [ ص: 311 ] عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا هلم فلنجزع فيجزعون ويصيحون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص . وقال محمد بن كعب القرظي : ذكر لنا أن أهل النار يقول بعضهم لبعض : يا هؤلاء ! قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون ، فهلم فلنصبر ; فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الطاعة على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا ; فأجمعوا رأيهم على الصبر فصبروا ; فطال صبرهم فجزعوا ، فنادوا : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي منجى ، فقام إبليس عند ذلك فقال : إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكميقول : لست بمغن عنكم شيئا وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل الحديث بطوله ، وقد كتبناه في كتاب التذكرة بكماله .