An-Nahl • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ ۖ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ ﴾
“As it is, they ascribe to God something that they [themselves] dislike -and [all the while] their tongues utter the lie that [by doing so] they earn supreme merit! Truly, they earn but the fire, and will be left out [of God's grace]!”
قوله تعالى : ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون قوله تعالى : ويجعلون لله ما يكرهون أي من البنات .وتصف ألسنتهم الكذب أي وتقول ألسنتهم الكذب . الكذب مفعول تصف وأن في محل نصب بدل من الكذب ; لأنه بيان له . وقيل : الحسنى الجزاء الحسن ; قاله الزجاج . وقرأ ابن عباس وأبو العالية ومجاهد وابن محيصن " الكذب " برفع الكاف والذال والباء نعتا للألسنة ; وكذا ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب . والكذب جمع كذوب ; مثل رسول ورسل وصبور وصبر وشكور وشكر .أن لهم الحسنى قال مجاهد : هو قولهم إن لهم البنين ولله البنات .لا جرم أن لهم النار قال الخليل : لا جرم كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا ; يقال : فعلوا ذلك ; فيقال : لا جرم سيندمون . أي حقا أن لهم النار .وأنهم مفرطون متركون منسيون في النار ; قاله ابن الأعرابي وأبو [ ص: 109 ] عبيدة والكسائي والفراء ، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد . وقال ابن عباس وسعيد بن جبير أيضا : مبعدون . قتادة والحسن : معجلون إلى النار مقدمون إليها . والفارط : الذي يتقدم إلى الماء ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم . وقال القطامي :فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تعجل فراط لورادوالفراط : المتقدمون في طلب الماء . والوراد : المتأخرون . وقرأ نافع في رواية ورش " مفرطون " بكسر الراء وتخفيفها ، وهي قراءة عبد الله بن مسعود وابن عباس ، ومعناه مسرفون في الذنوب والمعصية ، أي أفرطوا فيها . يقال : أفرط فلان على فلان إذا أربى عليه ، وقال له أكثر مما قال من الشر . وقرأ أبو جعفر القارئ " مفرطون " بكسر الراء وتشديدها ، أي مضيعون أمر الله ; فهو من التفريط في الواجب .