Al-Muminoon • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةًۭ فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةًۭ فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَٰمًۭا فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَٰمَ لَحْمًۭا ثُمَّ أَنشَأْنَٰهُ خَلْقًا ءَاخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَٰلِقِينَ ﴾
“and then We create out of the drop of sperm a germ-cell, and then We create out of the germ-cell an embryonic lump, and then We create within the embryonic lump bones, and then We clothe the bones with flesh - and then We bring [all] this into being as a new creation: hallowed, therefore, is God, the best of artisans!”
قوله تعالى : ( نطفة ) قد مضى القول في النطفة والعلقة والمضغة وما في ذلك من الأحكام في أول الحج ، والحمد لله على ذلك .الثالثة : قوله تعالى : ثم أنشأناه خلقا آخر اختلف الناس في الخلق الآخر ؛ فقال ابن عباس ، والشعبي ، وأبو العالية ، والضحاك ، وابن زيد : هو نفخ الروح فيه بعد أن كان جمادا . وعن ابن عباس : خروج إلى الدنيا . وقال قتادة عن فرقة : نبات شعره . الضحاك : خروج الأسنان ونبات الشعر . مجاهد : كمال شبابه ؛ وروي عن ابن عمر : والصحيح أنه عام في هذا وفي غيره من النطق ، والإدراك ، وحسن المحاولة ، وتحصيل المعقولات إلى أن يموت .الرابعة : قوله تعالى : فتبارك الله أحسن الخالقين يروى أن عمر بن الخطاب لما سمع صدر الآية إلى قوله : خلقا آخر قال فتبارك الله أحسن الخالقين ؛ فقال [ ص: 103 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هكذا أنزلت . وفي مسند الطيالسي : ونزلت ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين الآية ؛ فلما نزلت قلت أنا : تبارك الله أحسن الخالقين ؛ فنزلت فتبارك الله أحسن الخالقين . ويروى أن قائل ذلك معاذ بن جبل . وروي أن قائل ذلك عبد الله بن أبي سرح ، وبهذا السبب ارتد وقال : آتي بمثل ما يأتي محمد ؛ وفيه نزل ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله على ما تقدم بيانه في ( الأنعام ) . وقوله تعالى : فتبارك تفاعل من البركة . أحسن الخالقين أتقن الصانعين . يقال لمن صنع شيئا خلقه ؛ ومنه قول الشاعر [ زهير بن أبي سلمى ] :ولأنت تفري ما خلقت وبع ض القوم يخلق ثم لا يفريوذهب بعض الناس إلى نفي هذه اللفظة عن الناس وإنما يضاف الخلق إلى الله تعالى . وقال ابن جريج : إنما قال أحسن الخالقين لأنه تعالى قد أذن لعيسى - عليه السلام - أن يخلق ؛ واضطرب بعضهم في ذلك . ولا تنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع ؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع والإيجاد من العدم .[ الخامسة ] : من هذه الآية قال ابن عباس لعمر حين سأل مشيخة الصحابة عن ليلة القدر فقالوا : الله أعلم ؛ فقال عمر : ما تقول يا ابن عباس ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى خلق السماوات سبعا والأرضين سبعا ، وخلق ابن آدم من سبع ، وجعل رزقه في سبع ، فأراها في ليلة سبع وعشرين . فقال عمر - رضي الله عنه - : أعجزكم أن تأتوا بمثل ما أتى هذا الغلام الذي لم تجتمع شئون رأسه . وهذا الحديث بطوله في مسند ابن أبي شيبة . فأراد ابن عباس خلق ابن آدم من سبع بهذه الآية ، وبقوله : وجعل رزقه في سبع قوله : فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا الآية .[ ص: 104 ] السبع منها لابن آدم ، والأب للأنعام . والقضب يأكله ابن آدم ويسمن منه النساء ؛ هذا قول . وقيل : القضب البقول لأنها تقضب ؛ فهي رزق ابن آدم . وقيل : القضب والأب للأنعام ، والست الباقية لابن آدم ، والسابعة هي للأنعام ؛ إذ هي من أعظم رزق ابن آدم .