Az-Zumar • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَٰحِدَةٍۢ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلْأَنْعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍۢ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ خَلْقًۭا مِّنۢ بَعْدِ خَلْقٍۢ فِى ظُلُمَٰتٍۢ ثَلَٰثٍۢ ۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ ۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴾
“He has created you [all] out of one living entity, and out of it fashioned its mate; and he has bestowed upon you four kinds of cattle of either sex; [and] He creates you in your mothers’ wombs, one act of creation after another, in threefold depths of darkness. Thus is God, your Sustainer: unto Him belongs all dominion: there is no deity save Him: how, then, can you lose sight of the truth?”
قوله تعالى : خلقكم من نفس واحدة يعني آدم - عليه السلام - ثم " جعل منها زوجها " يعني ليحصل التناسل ، وقد مضى هذا في [ الأعراف ] وغيرها .وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج أخبر عن الأزواج بالنزول ; لأنها تكونت بالنبات ، والنبات بالماء المنزل . وهذا يسمى التدريج ، ومثله قوله تعالى : قد أنزلنا عليكم لباسا الآية . وقيل : أنزل أنشأ وجعل . وقال سعيد بن جبير : خلق . وقيل : إن الله تعالى خلق هذه الأنعام في الجنة ثم أنزلها إلى الأرض ، كما قيل في قوله تعالى : وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد فإن آدم لما هبط إلى الأرض أنزل معه الحديد . وقيل : وأنزل لكم من الأنعام أي : أعطاكم . وقيل : جعل الخلق إنزالا ; لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء . فالمعنى : خلق لكم كذا بأمره النازل . قال قتادة : من الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، ومن الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، كل واحد زوج . وقد تقدم هذا .يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق قال قتادة والسدي : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظما ، ثم لحما . ابن زيد : " خلقا من بعد خلق " : خلقا في بطون أمهاتكم من بعد خلقكم في ظهر آدم . وقيل : في ظهر الأب ثم خلقا في بطن الأم ثم خلقا بعد الوضع . ذكره الماوردي . وقرأ حمزة : " إمهاتكم " بكسر الهمزة والميم . والكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم . الباقون بضم الهمزة وفتح الميم .في ظلمات ثلاث ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة . قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك . وقال ابن جبير : ظلمة المشيمة ، وظلمة الرحم ، وظلمة الليل . والقول الأول أصح . وقيل : ظلمة صلب الرجل ، وظلمة بطن المرأة ، وظلمة الرحم . وهذا مذهب أبي عبيدة . أي : لا تمنعه الظلمة كما تمنع المخلوقين ." ذلكم الله " أي الذي خلق هذه الأشياء " ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون " أي كيف تنقلبون [ ص: 211 ] وتنصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره .