Adh-Dhaariyat • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٌۭ ﴾
“and, verily, judgment is bound to come!”
يعني الجزاء نازل بكم .ثم ابتدأ قسما آخر فقال : " والسماء ذات الحبك .إنكم لفي قول مختلف " [ الذاريات : 7 - 8 ] وقيل إن الذاريات النساء الولودات لأن في ذرايتهن ذرو الخلق ; لأنهن يذرين الأولاد فصرن ذاريات ; وأقسم بهن لما في ترائبهن من خيرة عباده الصالحين .وخص النساء بذلك دون الرجال وإن كان كل واحد منهما ذاريا لأمرين : أحدهما لأنهن أوعية دون الرجال , فلاجتماع الذروين فيهن خصصن بالذكر .الثاني : أن الذرو فيهن أطول زمانا , وهن بالمباشرة أقرب عهدا ." فالحاملات وقرا " السحاب .وقيل : الحاملات من النساء إذا ثقلن بالحمل .والوقر بكسر الواو ثقل الحمل على ظهر أو في بطن , يقال : جاء يحمل وقره وقد أوقر بعيره .وأكثر ما يستعمل الوقر في حمل البغل والحمار , والوسق في حمل البعير .وهذه امرأة موقرة بفتح القاف إذا حملت حملا ثقيلا .وأوقرت النخلة كثر حملها ; يقال : نخلة موقرة وموقر وموقرة , وحكي موقر وهو على غير القياس , لأن الفعل للنخلة .وإنما قيل : موقر بكسر القاف على قياس قولك امرأة حامل , لأن حمل الشجر مشبه بحمل النساء ; فأما موقر بالفتح فشاذ , وقد روي في قول لبيد يصف نخيلا : عصب كوارع في خليج محلم حملت فمنها موقر مكموم والجمع مواقر .فأما الوقر بالفتح فهو ثقل الأذن , وقد وقرت أذنه توقر وقرا أي صمت , وقياس مصدره التحريك إلا أنه جاء بالتسكين وقد تقدم في " الأنعام " القول فيه ." فالجاريات يسرا " السفن تجري بالرياح يسرا إلى حيث سيرت .وقيل : السحاب ; وفي جريها يسرا على هذا القول وجهان : أحدهما : إلى حيث يسيرها الله تعالى من البلاد والبقاع .الثاني : هو سهولة تسييرها ; وذلك معروف عند العرب , كما قال الأعشى : كأن مشيتها من بيت جارتها مشي السحابة لا ريث ولا عجل