Al-An'aam • AR-TAFSEER-AL-QURTUBI
﴿ قَدْ جَآءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍۢ ﴾
“Means of insight have now come unto you from your Sustainer [through this divine writ]. Whoever, therefore, chooses to see, does so for his own good; and whoever chooses to remain blind, does so to his own hurt. And [say unto the blind of heart]: "I am not your keeper."”
قوله تعالى قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ .قوله تعالى قد جاءكم بصائر من ربكم أي آيات وبراهين يبصر بها ويستدل ; جمع بصيرة وهي الدلالة . قال الشاعر :جاءوا بصائرهم على أكتافهم وبصيرتي يعدو بها عتد وآييعني بالبصيرة الحجة البينة الظاهرة . ووصف الدلالة بالمجيء لتفخيم شأنها ; إذ كانت بمنزلة الغائب المتوقع حضوره للنفس ; كما يقال : جاءت العافية وقد انصرف المرض ، وأقبل السعود وأدبر النحوس .فمن أبصر فلنفسه الإبصار : هو الإدراك بحاسة البصر ; أي فمن استدل وتعرف فنفسه نفع .ومن عمي فعليها لم يستدل ، فصار بمنزلة الأعمى ; فعلى نفسه يعود ضرر عماه .وما أنا عليكم بحفيظ أي لم أؤمر بحفظكم على أن تهلكوا أنفسكم . وقيل : أي لا أحفظكم من عذاب الله . وقيل : " بحفيظ " برقيب ; أحصي عليكم أعمالكم ، وإنما أنا رسول أبلغكم رسالات ربي ، وهو الحفيظ عليكم لا يخفى عليه شيء من أفعالكم . قال الزجاج : نزل هذا قبل فرض القتال ، ثم أمر أن يمنعهم بالسيف من عبادة الأوثان .