Aal-i-Imraan • AR-TAFSEER-AL-SADDI
﴿ ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٍۢ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِىٓ أُخْرَىٰكُمْ فَأَثَٰبَكُمْ غَمًّۢا بِغَمٍّۢ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
“[Remember the time] when you fled, paying no heed to anyone, while at your rear the Apostle was calling out to you - wherefore He requited you with woe in return for [the Apostle's] woe, so that you should not grieve [merely] over what had escaped you, nor over what had befallen you: for God is aware of all that you do.”
يذكرهم تعالى حالهم في وقت انهزامهم عن القتال، ويعاتبهم على ذلك، فقال: { إذ تصعدون } أي: تجدون في الهرب { ولا تلوون على أحد } أي: لا يلوي أحد منكم على أحد، ولا ينظر إليه، بل ليس لكم هم إلا الفرار والنجاء عن القتال. والحال أنه ليس عليكم خطر كبير، إذ لستم آخر الناس مما يلي الأعداء، ويباشر الهيجاء، بل { الرسول يدعوكم في أخراكم } أي: مما يلي القوم يقول: \"إليَّ عباد الله\" فلم تلتفتوا إليه، ولا عرجتم عليه، فالفرار نفسه موجب للوم، ودعوة الرسول الموجبة لتقديمه على النفس، أعظم لوما بتخلفكم عنها، { فأثابكم } أي: جازاكم على فعلكم { غما بغم } أي: غما يتبع غما، غم بفوات النصر وفوات الغنيمة، وغم بانهزامكم، وغم أنساكم كل غم، وهو سماعكم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل. ولكن الله -بلطفه وحسن نظره لعباده- جعل اجتماع هذه الأمور لعباده المؤمنين خيرا لهم، فقال: { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } من النصر والظفر، { ولا ما أصابكم } من الهزيمة والقتل والجراح، إذا تحققتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل هانت عليكم تلك المصيبات، واغتبطتم بوجوده المسلي عن كل مصيبة ومحنة، فلله ما في ضمن البلايا والمحن من الأسرار والحكم، وكل هذا صادر عن علمه وكمال خبرته بأعمالكم، وظواهركم وبواطنكم، ولهذا قال: { والله خبير بما تعملون }