Yunus • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنتُم بِهِۦٓ ۚ ءَآلْـَٰٔنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِۦ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾
“Will you, then, believe in it [only] after it has come to pass -[on the Day when you will be asked, `Do you believe in it] now, after having [contemptuously] called for its speedy advent?'”
وعطفت جملة : { أثم إذا ما وقع } بحرف المهلة للدلالة على التراخي الرتبي كما هو شأن ( ثم ) في عطفها الجمل ، لأن إيمانهم بالعذاب الذي كانوا ينكرون وقوعه حين وقوعه بهم أغرب وأهم من استعجالهم به . وهمزة الاستفهام مقدمة من تأخير كما هو استعمالها مع حروف العطف المفيدة للتشريك . والتقدير : ثم أإذا ما وقع ، وليس المراد الاستفهام عن المهلة .والمستفهم عنه هو حصول الإيمان في وقت وقوع العذاب ، وهذا الاستفهام مستعمل في الإنكار بمعنى التغليط وإفساد رأيهم ، فإنهم وعدوا بالإيمان عند نزول العذاب استهزاء منهم فوقع الجواب بمجاراة ظاهر حالهم وبيان أخطائهم ، أي أتؤمنون بالوعد عند وقوعه على طريقة الأسلوب الحكيم ، كقوله تعالى : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } [ البقرة : 189 . ]وكلمة { آلآن } استفهام إنكاري عن حصول إيمانهم عند حلول ما توعدهم ، فعبر عن وقت وقوعه باسم الزمان الحاضر وهو ( الآن ) حكاية للساننِ حاللِ منكر عليهم في ذلك الوقت استحضر حال حلول الوعد كأنه حاضر في زمن التكلم ، وهذا الاستحضار من تخييل الحالة المستقبلة واقعة .ولذلك يحسن أن نجعل ( آلآن ) استعارة مكنية بتشبيه الزمن المستقبل بزمن الحال ، ووجه الشبه الاستحضار . ورمز إلى المشبه به بذكر لفظ من روادفه ، وهو اسم الزمن الحاضر .وجملة : { وقد كنتم به تستعجلون } ترشيح ، وإما تقدير قول في الكلام ، أي يقال لهم إذا آمنوا بعد نزول العذاب آلآن آمنتم ، كما ذهب إليه أكثر المفسرين . فذلك تقدير معنى لا تقدير نظم وإعراب لأن نظم هذا الكلام أدق من ذلك .ومعنى : { تستعجلون } تكذبون ، فعبر عن التكذيب بالاستعجال حكايةً لحاصل قولهم { متى هذا الوعد } [ يونس : 48 ] الذي هو في صورة الاستعجال ، والمرادُ منه التكذيب .وتقديم المجرور للاهتمام بالوعد الذي كذبوا به ، وللرعاية على الفاصلة .