Al-Baqara • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ إِذْ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾
“When his Sustainer said to him, "Surrender thyself unto Me!" - he answered, "I have surrendered myself unto [Thee,] the Sustainer of all the worlds."”
و قوله : { إذْ قال له ربه أَسلم } ، إذ هو ظرف لاصطفيناه وما عطف عليه ، قصد من هذه الظرفية التخلُّص إلى منقبة أخرى ، لأن ذلك الوقت هو دليل اصطفائه حيث خاطبه الله بوحي وأمره بما تضمنه قوله { أسْلِم } من معانٍ جماعها التوحيدُ والبراءةُ من الحول والقوة وإخلاصُ الطاعة ، وهو أيضاً وقتُ ظهور أن الله أراد إصلاح حاله في الآخرة إذ كلٌّ مُيسَّر لما خلق له .وقد فهم أن مفعول { أسلم } ومتعلقه محذوفان يعلمان من المقام أي أسلم نفسك لي كما دل عليه الجواب بقوله : { أسلمت لرب العالمين وشاع الاستغناء عن مفعول أَسْلَمَ فنُزل الفعل منزلة اللازم يقال أَسلم أي دَان بالإسلام كما أنبأ به قوله تعالى : { ولكن كان حنيفاً مُسلماً } [ آل عمران : 67 ] .وقوله : { قال أسلمت } فصلت الجملة على طريقة حكاية المحاورات كما قدمناه في { وإذْ قال ربك للملائكة إِني جاعل في الأرض خليفة } [ البقرة : 30 ] .وقوله : { قال أسلمت } مشعر بأنه بادر بالفور دون تريث كما اقتضاه وقوعه جواباً ، قال ابن عرفة : إنما قال لرب العالمين دون أن يقول أسلمت لك ليكون قد أتى بالإسلام وبدليله اه . يعني أن إبراهيم كان قد علم أن لهذا العالم خالقاً عالماً حصل له بإلهام من الله فلما أوحى الله إليه بالإيمان صادف ذلك عقلاً رشداً .