Aal-i-Imraan • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ وَمَا يَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍۢ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلْمُتَّقِينَ ﴾
“And whatever good they do, they shall never be denied the reward thereof: for, God has full knowledge of those who are conscious of Him.”
تذييل للجمل المفتتحة بقوله تعالى : { من أهل الكتاب أمَّة قائمة } [ آل عمران : 113 ] إلى قوله { من الصالحين } [ آل عمران : 114 ] وقرأ الجمهور : تفعلوا بالفوقية فهو وعد للحاضرين ، ويعلم منه أنّ الصّالحين السَّابقين مثلهم ، بقرينة مقام الامتنان ، ووقوعه عقب ذكرهم ، فكأنَّه قيل : وما تفعلوا من خير ويَفعلوا . ويجوز أن يكون إلتفاتاً لخطاب أهل الكتاب . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وحفص ، وخلف بياء الغيبة عائداً إلى أمّة قائمة .والكفر : ضد الشكر أي هو إنكار وصول النَّعمة الواصلة . قال عنترة: ... نبئْتُ عَمْرا غيرَ شاكر نعمتيوالكفْرُ مَخْبَثَة لِنَفْسسِ المنعم ... وقال تعالى { واشكروا لي ولا تكفرون } وأصل الشكر والكفر أ يتعديا إلى واحد ، ويكون مفعولهما النّعمة كما في البيت . وقد يجعل مفعولهما المنعم على التوسّع في حذف حرف الجرّ ، لأن الأصل شكرت له وكفرت له . قال النابغة: ... شكرتُ لك النعميوقد جمع بين الاستعمالين قوله تعالى { واشكروا لي ولا تكفرون } [ البقرة : 152 ] وقد عدّي { تُكْفَروه } هنا إلى مفعولين : أحدهما نائب الفاعل ، لأن الفعل ضمّن معنى الحرمان . والضّمير المنصوب عائد إلى خير بتأويل خير بجزاء فعل الخير على طريقة الاستخدام وأطلق الكفر هنا على ترك جزاء فعل الخير ، تشبيهاً لفعل الخير بالنَّعمة . كأنّ فاعل الخير أنعم على الله تعالى بنعمته مثل قوله { إن تُقرضوا الله قرضاً حسناً } [ التغابن : 17 ] فحذفّ المشبّه ورمز إليه بما ه من لوازم العرفية . وهو الكفر ، على أنّ في القرينة استعارة مصرّحة مثل { ينقضون عهدَ الله } [ البقرة : 27 ] . وقد أمتنّ الله علينا إذ جعل طاعتنا إيّاه كنعمة عليه تعالى ، وجعل ثوابها شُكراً ، وتَرْك ثوابها كفراً فنفاه . وسمّى نفسه الشكور .وقد عدّي الكفر أن هنا إلى النعمة على أصل تعديته .