An-Nisaa • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ وَلَا تَهِنُوا۟ فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا۟ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾
“And be not faint of heart when you seek out the [enemy] host. If you happen to suffer pain, behold, they suffer pain even as you suffer it: but you are hoping [to receive] from God what they cannot hope for. And God is indeed all-knowing, wise.”
عطف على جملة { وخذوا حذركم إنّ الله أعدّ للكافرين عذاباً مهيناً } [ النساء : 102 ] زيادة في تشجيعهم على قتال الأعداء ، وفي تهوين الأعداء في قلوب المسلمين ، لأنّ المشركين كانوا أكثر عدداً من المسلمين وأتمّ عُدّة ، وما كان شرع قصر الصلاة وأحوال صلاة الخوف ، إلاّ تحقيقاً لنفي الوهن في الجهاد .والابتغاءُ مصدر ابتغى بمعنى بَغي المتعدّي ، أي الطلب ، وقد تقدّم عند قوله : { أفغير دين الله تبغون } في سورة آل عمران ( 83 ) .والمراد به هنا المُبادأة بالغزوِ ، وأن لا يتقاعسوا ، حتّى يكون المشركون هم المبتدئين بالغزو . تقول العرب : طلبنا بني فلان ، أي غزوناهم . والمبادىء بالغزو له رعب في قلوب أعدائه . وزادهم تشجيعاً على طلب العدوّ بأنّ تَألّم الفريقين المتحاربين واحد ، إذ كلٌ يخشى بأس الآخر ، وبأنّ للمؤمنين مزية على الكافرين ، وهي أنّهم يرجون من الله ما لا يرجوه الكفّار ، وذلك رجاء الشهادة إن قتلوا ، ورجاء ظهور دينه على أيديهم إذا انتصروا ، ورجاء الثواب في الأحوال كلّها . وقوله : { من الله } متعلّق ب { ترجون } . وحذف العائد المجرور بمن من جملة { ما لا يرجون } لدلالة حرف الجرّ الذي جُرّ به اسم الموصول عليه ، ولك أن تجعل مَا صْدق { ما لا يرجون } هو النصر ، فيكون وعداً للمسلمين بأنّ الله ناصرهم ، وبشارة بأنّ المشركين لا يرجون لأنفسهم نصراً ، وأنّهم آيسون منه بما قذف الله في قلوبهم من الرعب ، وهذا ممّا يفتّ في ساعدهم . وعلى هذا الوجه يكون قوله : { من الله } اعتراضاً أو حالاً مقدّمة على المجرور بالحرف ، والمعنى على هذا كقوله : { ذلك بأنّ الله مولى الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم } [ محمد : 11 ] .