An-Nisaa • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ إِن تُبْدُوا۟ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا۟ عَن سُوٓءٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّۭا قَدِيرًا ﴾
“whether you do good openly or in secret, or pardon others for evil [done unto you]: for, behold, God is indeed an absolver of sins, infinite in His power.”
وبعد أن نَهى ورَخّص ، ندب المرخَّصَ لهم إلى العفو وقوللِ الخير ، فقال : { إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفواعن سوء فإن الله كان عفواً قديراً } ، فإبداء الخير إظهاره . وعُطف عليه { أو تخفوه } لزيادة الترغيب أنْ لا يظنّوا أنّ الثواب على إبداء الخير خاصّة ، كقوله : { إن تبدوا الصدقات فنِعِمَّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } [ البقرة : 271 ] . والعفو عن السوء بالصفح وترك المجازاة ، فهو أمر عدميّ .وجملة { فإنّ الله كان عفوّا قديرا } دليل جواب الشرط ، وهو علّة له ، وتقدير الجواب : يَعفُ عَنكم عند القدرة عليكم ، كما أنّكم فعلتم الخير جهراً وخفية وعفوتم عند المقدرة على الأخذ بحقّكم ، لأنّ المأذون فيه شرعاً يعتبر مقدوراً للمأذون ، فجواب الشرط وعد بالمغفرة لهم في بعض ما يقترفونه جزاء عن فعل الخير وعن العفو عمّن اقترف ذنباً؛ فذكر { إن تبدوا خيراً أو تخفوه } تكملة لما اقتضاه قوله : { لا يحبّ الله الجهر بالسوء من القول } استكمالاً لموجبات العفو عن السيّئات ، كما أفصح عنه قوله صلى الله عليه وسلم { وأتْبِع السيّئة الحسنةَ تَمْحُها } .هذا ما أراه في معنى الجواب . وقال المفسّرون : جملة الجزاء تحريض على العفو ببيان أنّ فيه تخلّفاً بالكمال ، لأنّ صفات الله غاية الكمالات . والتقدير : إن تبدو خيراً الخ تكونوا متخلّقين بصفات الله ، فإنّ الله كان عفوّاً قديراً ، وهذا التقدير لا يناسب إلاّ قوله : { أو نعفوا عن سوء } ولا يناسب قوله : { إن تبدوا خيراً أو تخفوه } إلاّ إذا خصّص ذلك بإبداء الخير لمن ظلمهم ، وإخفائه عمّن ظلمهم . وفي الحديث " أن تَعْفُو عمّن ظلمك وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وتَصِلَ من قطعك " .