Al-Maaida • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوْمًۭا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا۟ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا۟ مِنْهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ ﴾
“They answered: "O Moses! Behold, ferocious people -dwell in that land, and we will surely not enter it unless they depart therefrom; but if they depart therefrom, then, behold, we will enter it."”
وضمائر { فيها } و { منها } تعود إلى الأرض المقدّسة .وأرادوا بالقوم الجبّارين في الأرض سكّانها الكنعانيين ، والعمالقة ، والحثيين ، واليبوسيين ، والأموريين . والجبّار : القوي ، مشتقّ من الجَبْر ، وهو الإلزام لأنّ القويّ يجبر النّاس على ما يريد .وكانت جواسيس موسى الاثنا عشر الّذين بعثهم لارتياد الأرض قد أخبروا القوم بجودة الأرض وبقوّة سكّانها . وهذا كناية عن مخالفتهم من الأمم الذين يقطنون الأرض المقدّسة ، فامتنعوا من اقتحام القرية خوفاً من أهلها ، وأكّدوا الامتناع من دخول أرض العدوّ توكيداً قويّاً بمدلول ( إنّ ) و ( لنْ ) في { إنّا لن ندخلها } تحقيقاً لخوفهم .وقوله : { فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون } تصريح بمفهوم الغاية في قوله : { وإنّا لن ندخلها حتّى يخرجوا منها } لقصد تأكيد الوعد بدخولها إذا خلت من الجبّارين الذين فيها .وقد أشارت هذه الآية إلى ما في الإصحاح الثالث عشر والرابع عشر من سفر العدد : «أنّ الله أمر موسى أن يرسل اثني عشر رجلاً جواسيس يتجسّسون أرض كنعان الّتي وعدَها الله بني إسرائيل من كلّ سبط رجلاً؛ فعيّن موسى اثني عشر رجلاً ، منهم : يوشع بن نون من سبط أفرايم ، ومنهم كالب بن يفنة من سبط يهوذا ، ولم يسمّوا بقية الجواسيس .فجاسوا خلال الأرض من برية صين إلى حماة فوجدوا الأرض ذات ثمار وأعناب ولبن وعسل ووجدوا سكّانها معتزّين ، طوال القامات ، ومُدنهم حصينة . فلمّا سمع بنو إسرائيل ذلك وهلوا وبكوا وتذمّروا على موسى وقالوا : لوْ متنا في أرض مصر كان خيراً لنا من أن تغنم نساؤنا وأطفالنا ، فقال يوشع وكالب للشعب : إن رَضي الله عنّا يدخلنا إلى هذه الأرض ولكن لا تعصوا الربّ ولا تخافوا من أهلها ، فالله معنا . فأبى القوم من دخول الأرض وغضب الله عليهم . وقال لموسى : لا يدخل أحد مَن سِنُّه عشرون سنة فصاعداً هذه الأرض إلاّ يوشع وكالباً وكلّكم ستدفنون في هذا القفر ، ويكون أبناؤكم رُعاة فيه أربعين سنة .