At-Tawba • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍۢ مِّنْهُ وَرِضْوَٰنٍۢ وَجَنَّٰتٍۢ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌۭ مُّقِيمٌ ﴾
“Their Sustainer gives them the glad tiding of the grace [that flows] from Him, and of [His] goodly acceptance, and of the gardens which await them, full of lasting bliss,”
بيان للدرجة العظيمة التي في قوله : { أعظم درجة عند الله } [ التوبة : 20 ] فتلك الدرجة هي عناية الله تعالى بهم بإدخال المسرّة عليهم ، وتحقيق فوزهم ، وتعريفهم برضوانه عليهم ، ورحمته بهم ، وبما أعد لهم من النعيم الدائم . ومجموع هذه الأمور لم يمنحه غيرهم من أهل السقاية والعمارة ، الذين وإن صلحوا لأن ينالوا بعض هذه المزايا فهم لم ينالوا جميعها .والتبشير : الإخبار بخير يحصل للمخبَر لم يكن عالماً به .فإسناد التبشير إلى اسم الجلالة بصيغة المضارع ، المفيد للتجدّد ، مؤذن بتعاقب الخيرات عليهم ، وتجدّد إدخال السرور بذلك لهم ، لأنّ تجدّد التبشير يؤذن بأن المبشّر به شيء لم يكن معلوماً للمبشَّر ( بفتح الشين ) وإلاّ لكان الإخبار به تحصيلاً للحاصل .وكون المسند إليه لفظ الربّ ، دون غيره ممّا يدلّ على الخالق سبحانه ، إيماء إلى الرحمة بهم والعناية : لأنّ معنى الربوبية يَرجع إلى تدبير المربوب والرفق به واللطف به ، ولتحصل به الإضافة إلى ضميرهم إضافة تشريف .وتقدّمت الرحمة في قوله : { الرحمن الرحيم } [ الفاتحة : 1 ].والرضوان بكسر الراء وبضمها : الرضا الكامل الشديد ، لأنّ هذه الصيغة تشعر بالمبالغة مثل الغُفران والشُكران والعِصيان .والجنّات تقدّم الكلام عليها في ذكر الجنة في سورة البقرة ، وجمعها باعتبار مراتبها وأنواعها وأنواععِ النعيم فيها .والنعيم : ما به التذاذ النفس باللذات المحسوسة ، وهو أخصّ من النِعمة ، قال تعالى : { إن الأبرار لفي نعيم } [ الإنفطار : 13 ] وقال : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } [ التكاثر : 8 ].والمقيم المستمرّ ، استعيرت الإقامة للدوام والاستمرار .والتنكير في { برحمة ، ورضوان ، وجنات ، ونعيم } للتعظيم ، بقرينة المقام ، وقرينة قوله { منه } وقرينة كون تلك مبشرّاً بها .