At-Tawba • AR-TAFSEER-TANWIR-AL-MIQBAS
﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍۢ مِّنْ عِندِهِۦٓ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوٓا۟ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ﴾
“Say: "Are you, perchance, hopefully waiting for something [bad] to happen to us-[the while nothing can happen to us] save one of the two best things? But as far as you are concerned, we are hopefully waiting for God to inflict chastisement upon you, [either] from Himself or by our hands! Wait, then, hopefully; behold, we shall hopefully wait with you!"”
تتنزّل هذه الجملة منزلة البيان لِما تضمّنته جملة { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا } [ التوبة : 51 ] الآية ، ولذلك لم تعطف عليها ، والمبيّن هو إجمالُ { ما كتب الله لنا هو مولانا } [ التوبة : 51 ] كما تقدّم .والمعنى لا تنتظرون من حالنا إلاّ حسنة عاجلة أو حسنة آجلة فأمّا نحن فننتظر من حالكم أن يعذبكم الله في الآخرة بعذاب النار ، أو في الدنيا بعذاب على غير أيدينا من عذاب الله في الدنيا : كالجوع والخوف ، أو بعذاببٍ بأيدينا ، وهو عذاب القتل ، إذا أذن الله بحربكم ، كما في قوله : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم } [ الأحزاب : 60 ] الآية .والاستفهام مستعمل في النفي بقرينة الاستثناء . ومعنى الكلام توبيخ لهم وتخطئة لتربّصهم لأنّهم يتربّصون بالمسلمين أن يقتلوا ، ويغفلون عن احتمال أن ينصروا فكان المعنى : لا تتربّصون بنا إلا أن نقتل أو نغلِب وذلك إحدى الحسنين .والتربص : انتظار حصول شيء مرغوب حصوله ، وأكثر استعماله . أن يكون انتظارَ حصول شيء لغير المنتظِر ( بكسر الظاء ) ولذلك كثرت تعدية فعل التربّص بالباء لأن المتربّص ينتظر شيئاً مصاحباً لآخرِ هو الذي لأجله الانتظار . وأمّا قوله : { والمطلقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء } [ البقرة : 228 ] فقد نزلت { أنفسهن } منزلة المغاير للمبالغة في وجوب التربّص ، ولذلك قال في «الكشّاف» : «في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربّص وزيادة بعث» . وقد تقدم ذلك هنالك ، وأمّا قوله : { للذين يؤلون من نسائهم تربّص أربعة أشهر } [ البقرة : 226 ] فهو على أصل الاستعمال لأنّه تربّص بأزواجهم .وجملة { ونحن نتربص بكم } معطوفة على جملة الاستفهام عَطف الخبر على الإنشاء : بل على خبر في صورة الإنشاء ، فهي من مقول القول وليس فيها معنى الاستفهام . والمعنى : وجود البون بين الفريقين في عاقبة الحرب في حالي الغلبة والهزيمة .وجعلت جملة { ونحن نتربص } اسميةً فلم يقل ونتربّص بكم بخلاف الجملة المعطوف عليها : لإفادة تقوية التربّص ، وكناية عن تقوية حصول المتربَّص لأن تقوية التربّص تفيد قوة الرجاء في حصول المتربَّص فتفيد قوّة حصوله وهو المكنّى عنه .وتفرّع على جملة { هل تربصون بنا } جملة { فتربصوا إنا معكم متربصون } لأنّه إذا كان تربّص كلّ من الفريقين مسفراً عن إحدى الحالتين المذكورتين كان فريق المؤمنين أرضى الفريقين بالمتَّربِّصين لأنّ فيهما نفعه وضرّ عدوّه .والأمر في قوله : { تربّصوا } للتحْضيض المجازي المفيد قلّة الإكتراث بتربّصهم كقول طَريف بن تميم العنبري :فتوسَّمُوني إنَّني أنَا ذلكُم ... شَاكِي سِلاحي في الحوادث مُعْلَموجملة { إنا معكم متربصون } تهديد للمخاطبين والمعية هنا : معية في التّربص ، أو في زمانه ، وفصلت هذه الجملة عن التي قبلها لأنّها كالعلّة للحضّ .