Taa-Haa • AR-TAFSIR-AL-BAGHAWI
﴿ إِذْ تَمْشِىٓ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُۥ ۖ فَرَجَعْنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ وَقَتَلْتَ نَفْسًۭا فَنَجَّيْنَٰكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّٰكَ فُتُونًۭا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِىٓ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍۢ يَٰمُوسَىٰ ﴾
“"[And thou wert under Mine eye] when thy sister went forth and said [to Pharaoh's people], 'Shall I guide you unto [a woman] who might take charge of him?'' And so We returned thee unto thy mother, so that her eye be gladdened, and that she might not sorrow [any longer]. "And [when thou camest of age, thou didst slay a man: but We did save thee from all grief, although We tried thee with various trials. "And then thou didst sojourn for years among the people of Madyan; and now thou hast come [here] as ordained [by Me], O Moses:”
( إذ تمشي أختك ) واسمها مريم ، متعرفة خبره ، ( فتقول هل أدلكم على من يكفله ) ؟ أي : على امرأة ترضعه وتضمه إليها; وذلك أنه كان لا يقبل ثدي امرأة ، فلما قالت ذلك لهم أخته قالوا : نعم . فجاءت بالأم فقبل ثديها ، فذلك قوله تعالى :( فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ) بلقائك ، ( ولا تحزن ) أي : لأن يذهب عنها الحزن .( وقتلت نفسا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان قتل قبطيا كافرا . قال كعب الأحبار : كان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة ، ( فنجيناك من الغم ) أي : من غم القتل وكربه ، ( وفتناك فتونا ) قال ابن عباس رضي الله عنه : اختبرناك اختبارا . وقال الضحاك ومقاتل : ابتليناك ابتلاء . وقال مجاهد : أخلصناك إخلاصا .وعن ابن عباس في رواية سعيد بن جبير : أن الفتون وقوعه في محنة بعد محنة خلصه الله منها ، أولها أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح الأطفال ، ثم إلقاؤه في البحر في التابوت ، ثم منعه الرضاع إلا من ثدي أمه ، ثم أخذه بلحية فرعون حتى هم بقتله ، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة ، ثم قتله القبطي ، وخروجه إلى مدين خائفا . فكان ابن عباس يقص القصة على سعيد بن جبير ، فعلى هذا معنى : ( وفتناك ) خلصناك من تلك المحن ، كما يفتن الذهب بالنار فيخلص من كل خبث فيه " والفتون " : مصدر .( فلبثت ) فمكثت ، أي : فخرجت من مصر فلبثت ، ( سنين في أهل مدين ) يعني ترعى الأغنام عشر سنين ، ومدين بلدة شعيب عليه السلام على ثمان مراحل من مصر ، هرب إليها موسى . وقال وهب : لبث عند شعيب عليه السلام ثمانيا وعشرين سنة ، عشر سنين منها مهر ابنته " صفيرا " بنت شعيب ، وثمان عشرة سنة أقام عنده حتى ولد له .( ثم جئت على قدر ياموسى ) قال مقاتل : على موعد ولم يكن هذا الموعد مع موسى وإنما كان موعدا في تقدير الله ، قال محمد بن كعب : جئت على القدر الذي قدرت أنك تجيء .وقال عبد الرحمن بن كيسان : على رأس أربعين سنة ، وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء ، وهذا معنى قول أكثر المفسرين ، أي : على الموعد الذي وعده الله وقدره أنه يوحى إليه بالرسالة ، وهو أربعون سنة .