🕋 تفسير سورة الطارق
(At-Tariq) • المصدر: AR-TAFSIR-AL-BAGHAWI
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ
📘 مكية( والسماء والطارق ) قال الكلبي : نزلت في أبي طالب ، وذلك أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتحفه بخبز ولبن ، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماء ثم نارا ، ففزع أبو طالب وقال : أي شيء هذا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هذا نجم رمي به ، وهو آية من آيات الله - عز وجل - فعجب أبو طالب فأنزل الله - عز وجل - : " والسماء والطارق " وهذا قسم ، و " الطارق " النجم يظهر بالليل ، وما أتاك ليلا فهو طارق .
فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ
📘 "فما له من قوة ولا ناصر"، أي ما لهذا الإنسان المنكر للبعث من قوة يمتنع بها من عذاب الله ولا ناصر ينصره من الله.
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ
📘 ثم ذكر قسماً آخر فقال: "والسماء ذات الرجع"، أي ذات المطر لأنه يرجع كل عام ويتكرر. وقال ابن عباس: هو السحاب يرجع بالمطر.
وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ
📘 "والأرض ذات الصدع"، أي تتصدع وتنشق عن النبات والأشجار والأنهار.
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
📘 وجواب القسم قوله: "إنه"، يعني القرآن، "لقول فصل"، حق وجد يفصل بين الحق والباطل.
وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ
📘 "وما هو بالهزل"، باللعب والباطل.
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا
📘 ثم أخبر عن مشركي مكة فقال: "إنهم يكيدون كيداً"، يخافون النبي صلى الله عليه وسلم ويظهرون ما هم على خلافه.
وَأَكِيدُ كَيْدًا
📘 "وأكيد كيداً"، وكيد الله استدراجه إياهم من حيث لا يعلمون.
فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا
📘 "فمهل الكافرين"، قال ابن عباس: هذا وعيد من الله عز وجل لهم، "أمهلهم رويداً"، قليلاً، ومعنى مهل وأمهل: أنظر ولا تعجل، فأخذهم الله يوم بدر، ونسخ الإمهال بآية السيف.
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ
📘 "وما أدراك ما الطارق"؟.
النَّجْمُ الثَّاقِبُ
📘 ثم فسره فقال ( النجم الثاقب ) أي المضيء المنير ، قال مجاهد : المتوهج ، قال ابن زيد : أراد به الثريا ، والعرب تسميه النجم . وقيل : هو زحل ، سمي بذلك لارتفاعه ، تقول العرب للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعا : قد ثقب .
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ
📘 ( إن كل نفس ) جواب القسم ( لما عليها حافظ ) قرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة : " لما " بالتشديد ، يعنون : ما كل نفس إلا عليها حافظ ، وهي لغة هذيل يجعلون " لما " بمعنى " إلا " يقولون : نشدتك الله لما قمت ، أي إلا قمت .وقرأ الآخرون بالتخفيف ، جعلوا " ما " صلة ، مجازه : إن كل نفس لعليها حافظ [ من ربها ] [ وتأويل الآية : كل نفس عليها حافظ من ربها ] يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكتسب من خير وشر .قال ابن عباس : هم الحفظة من الملائكة . قال الكلبي : حافظ من الله يحفظها ويحفظ قولها وفعلها حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير ، ثم يخلي عنها .
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ
📘 "فلينظر الإنسان مم خلق"، أي من أي شيء خلقه ربه، أي فلينظر نظر المتفكر.
خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ
📘 ثم بين فقال : ( خلق من ماء دافق ) مدفوق أي مصبوب في الرحم ، وهو المني ، فاعل بمعنى مفعول كقوله : " عيشة راضية " ( الحاقة - 21 ) أي مرضية ، والدفق : الصب ، وأراد ماء الرجل وماء المرأة ، لأن الولد مخلوق منهما ، وجعله واحدا لامتزاجهما .
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ
📘 ( يخرج من بين الصلب والترائب ) يعني صلب الرجل وترائب المرأة ، و " الترائب " جمع التريبة ، وهي عظام الصدر والنحر . قال ابن عباس : هي موضع القلادة من الصدر . وروى الوالبي عنه : بين ثديي المرأة . وقال قتادة : النحر . وقال ابن زيد : الصدر .
إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
📘 ( إنه على رجعه لقادر ) قال مجاهد : على رد النطفة في الإحليل . وقال عكرمة : على رد الماء في الصلب الذي خرج منه . وقال الضحاك : إنه على رد الإنسان ماء كما كان من قبل لقادر . وقال مقاتل بن حيان : [ إن شاء رده ] من الكبر إلى الشباب ، ومن الشباب إلى الصبا ، ومن الصبا إلى النطفة ، وقال ابن زيد : إنه على حبس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج وقال قتادة : إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته قادر وهذا أولى الأقاويل لقوله : ( يوم تبلى السرائر )
يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ
📘 ( يوم تبلى السرائر ) وذلك يوم القيامة تبلى السرائر ، تظهر الخفايا قال قتادة ومقاتل : تختبر [ الأعمال ] قال عطاء بن أبي رباح : السرائر فرائض الأعمال ، كالصوم والصلاة [ والوضوء ] والاغتسال من الجنابة ، فإنها سرائر بين الله تعالى وبين العبد ، فلو شاء العبد لقال : صمت ولم يصم ، وصليت ، ولم يصل ، واغتسلت ولم يغتسل ، فيختبر حتى يظهر من أداها ممن ضيعها .قال ابن عمر : بيدي الله - عز وجل - يوم القيامة كل سر ، فيكون زينا في وجوه وشينا في وجوه ، يعني : من أداها كان وجهه مشرقا ، ومن ضيعها كان وجهه أغبر .