As-Saaffaat • AR-TAFSIR-AL-TABARI
﴿ فَرَاغَ إِلَىٰٓ ءَالِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ﴾
“Thereupon he approached their gods stealthily and said, “What! You do not eat [of the offerings placed before you]?”
وقوله ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فمال إلى آلهتهم بعد ما خرجوا عنه وأدبروا; وأرى أن أصل ذلك من قولهم: راغ فلان عن فلان: إذا حاد عنه، فيكون معناه إذا كان كذلك: فراغ عن قومه والخروج معهم إلى آلهتهم; كما قال عدي بن زيد:حِــينَ لا يَنْفَــعُ الـرَّوَاغُ وَلا يَـنْفَـــعُ إلا المُصَـــادِقُ النِّحْــرِيرُ (1)يعني بقوله " لا ينفع الرّوَاغ ": الحِياد. أما أهل التأويل فإنهم فسَّروه بمعنى فَمَال.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) : أي فمال إلى آلهتهم، قال: ذهب.حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ قوله ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) قال: ذهب.وقوله ( فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ) هذا خبر من الله عن قيل إبراهيم للآلهة; وفي الكلام محذوف استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو: فقرّب إليها الطعام فلم يرها تأكل، فقال لها: ( أَلا تَأْكُلُونَ ) فلما لم يرها تأكل قال لها: ما لكم لا تأكلون.------------------------الهوامش:(1) البيت نسبه المؤلف لعدي بن زيد العبادي، ولم أجده في ترجمته في الأغاني ولا في شعره في شعراء النصرانية. ولعله من قصيدته التي مطلعها" أرواح مودع أم بكور" . واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى:" فراغ عليهم ضربا باليمين" على أن معنى راغ: حاد. وفسره بعضهم بمال." وفي اللسان: روغ" راغ يروغ روغا وروغانا: حاد. وراغ إلى كذا أي مال إليه سرا وحاد.وقوله تعالى" فراغ عليهم ضربا" أي مال وأقبل .اهـ. وفي ( اللسان: نحر ): والنحر( بكسر النون ) والنحرير : الحاذق الماهر العاقل المجرب. وقيل: النحرير: الرجل: الطبن الفطن المتقن البصير في كل شيء. وجمعه: النحارير. اهـ.وقال الفرّاء في معاني القرآن 273 :" فراغ عليهم ضربا باليمين" : أي مال عليهم ضربا، واغتنم خلوتهم من أهل دينهم. وفي قراءة عبد الله ( أي ابن مسعود ):" فراغ عليهم صفقا باليمين" .