Al-Bayyina • AR-TAFSIR-AL-TABARI
﴿ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ ﴾
“IT IS NOT [conceivable] that such as are bent on denying the truth - [be they] from among the followers of earlier revelation or from among those who ascribe divinity to aught beside God should ever be abandoned [by Him] ere there comes unto them the [full] evidence of the truth:”
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل, والمشركون من عَبدة الأوثان ( مُنْفَكِّينَ ) يقول: منتهين حتى يأتيهم هذا القرآن.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ( مُنْفَكِّينَ ) قال: لم يكونوا ليَنتهوا حتى يتبين لهم الحق.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( مُنْفَكِّينَ ) قال: منتهين عما هم فيه.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) أي هذا القرآن.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قول الله: ( وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ ) قال: لم يكونوا منتهين حتى يأتيهم; ذلك المنفكّ.وقال آخرون: بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون, لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم, حتى بُعث, فلما بُعث تفرّقوا فيه.وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: معنى ذلك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد, حتى تأتيهم البيِّنة, وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه, رسول من الله. وقوله.( مُنْفَكِّينَ ) في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر, ولذلك صَلُح بغير خبر، ولو كان بمعنى ما زال, احتاج إلى خبر يكون تماما له, واستؤنف قوله ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ ) هي نكرة على البيِّنة, وهي معرفة, كما قيل: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ فقال: حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله, ببعثة الله إياه إليهم, ثم ترجم عن البيِّنة, فقال: تلك البينة