Yunus • AR-TAFSIR-AL-WASIT
﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَؤُا۟ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ ۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُا۟ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ﴾
“Say: "Can any of those beings to whom you ascribe a share in God's divinity create [life] in the first instance, and then bring it forth anew?” Say: "It is God [alone] who creates [all life] in the first instance, and then brings it forth anew. How perverted, then, are your minds!"”
ثم ساق - سبحانه - أنواعا أخرى من الأدلة على وحدانية الله - تعالى وقدرته . فقال :( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ . . . )أى : قل يا محمد لهؤلاء الغافلين عن الحق : هل من شركائكم الذين عبدتموهم من دون الله ، أو أشركتموهم مع الله ، من له القدرة على أن يبدأ خلق الإِنسان من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة . . . ثم ينشئه خلقا آخر ، ثم يعيده إلى الحياة مرى أخرى بعد موته؟قل لهم يا محمد : الله وحده هو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده ، أما شركاؤكم فهم أعجز من أن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له . . .وإذا كان الأمر كذلك من الوضوح والظهور ( فأنى تُؤْفَكُونَ ) والإِفك الصرف والقلب عن الشيء . يقال : أفكه عن الشيء يأفكه أفكا ، إذا قلبه عنه وصرفه .أي فكيف ساغ لكم أن تصرفوا عقولكم عن عبادة الإِله الحق ، إلى عبادة أصنام لا تنفع ولا تضر؟!وجاءت جملة ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ . . . ) بدون حرف العطف على ما قبلها للإِيذان باستقلالها فى الحصول المطلوب ، وإثبات المقصود .وساق - سبحانه - الأدلة بأسلوب السؤال والاستفهام ، لأن الكلام إذا كان واضحا جليا ثم ذكر على سبيل الاستفهام ، وتفويض الجواب إلى المسئول كان ذلك أبلغ وأوقع فى القلب .وجعل - سبحانه - إعادة المخلوقات بعد موتها حجة عليهم فى التدليل على قدرته مع عدم اعترافهم بها ، للإِيذان بسطوع أدلتها ، لأن القادر على البدء يكون أقدر على الإِعادة كما قال - تعالى - ( وَهُوَ الذي يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ . . ) فلما كان إنكارهم لهذه الحقيقة الواضحة من باب العناد أو المكابرة ، نزل إنكارهم لها منزلة العدم .وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله : " فإن قلت : كيف قيل لهم هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ، وهم غير معترفين بالإِعادة؟قلت : قد وضعت إعادة الخلق لظهور برهانها موضع ما إن دفعه دافع كان مكابرا رادا الظاهر البين الذى لا مدخل للشبهة فيه ، ودلالة على أهم فى إنكارهم لها منكرون أمرا مسلما معترفا بصحته عند العقلاء . " وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ( قُلِ الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ) فأمره بأن ينوب عنهم فى الجواب . يعني أنه لا يدعهم لجاجهم ومكابرتهم أن ينطقوا بكلمة الحق فتكلم أنت عنهم . . "