Yunus • AR-TAFSIR-AL-WASIT
﴿ أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾
“OH, VERILY, unto God belongs whoever is in the heavens and whoever is on earth: hence, what is it that they follow-those who invoke, beside God. beings to whom they ascribe a share in His divinity? They follow but the conjectures [of others], and themselves do nothing but guess -”
ثم قال - تعالى - ( ألا إِنَّ للَّهِ مَن فى السماوات وَمَنْ فى الأرض ) أى : ألا إن لله وحده ملك جميع من فى السموات ومن فى الأرض من إنس وجن وملائكة .وجاء التعبير القرآني هنا بلفظ ( من ) الشائع فى العقلاء ، للإِيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بغيرهم ، لأنهم إذا كانوا مع شرفهم وعلو منزلتهم مملوكين لله - تعالى - كان غيرهم ممن لا يعقل أولى بذلك .قال صاحب الكشاف قوله : ( ألا إِنَّ للَّهِ مَن فى السماوات وَمَنْ فى الأرض ) يعني العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان ، وإنما خصهم بالذكر ليؤذن أن هؤلاء إذا كانوا له وفى ملكه ، فهم عبيد كلهم ، وهو - سبحانه - ربهم ، ولا يصلح أحد منهم للربوبية ، ولا أن يكون شريكاً له فيها ، فما وراءهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون له ندا وشريكاً ، وليدل على أن من اتخذ غيره ربا من ملك أو إنس ، فضلاً عن صنم أو غير ذلك ، فهو مبطل تابع لما أدى إليه التقليد وترك النظر .وقوله : ( وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَآءَ ) .أى : وما يتبع هؤلاء المشركون فى عبادتهم لغير الله شركاء فى الحقيقة ، وإنما يتبعون أشياء أخرى سموها من عند أنفسهم شركاء جهلا منهم ، لأن الله - تعالى - تنزه وتقدس عن أن يكون له شريك أو شركاء فى ملكه أو فى عبادته .وعلى هذا التفسير تكون ( ما ) فى قوله ( وَمَا يَتَّبِعُ ) نافية ، وقوله ( شُرَكَآءَ ) مفعول يتبع ، ومفعول يدعون محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أى : وما يتبع الين يدعون من دون الله آلهة شركاء .ويجوز أن تكون ( ما ) استفهامية منصوبة بقوله ( يتبع ) ، ويكون قوله ( شُرَكَآءَ ) منصوب بقوله ( يَدْعُونَ ) وعليه يكون المعنى .أي شيء يتبع هؤلاء المشركون فى عبادتهم؟ إنهم يعبدون شركاء سموهم بهذا الاسم من عند أنفسهم ، أما هم فى الحقيقة فلا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا .وقوله : ( إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) أى : ما يتبعون فى عبادتهم لغير الله إلا الظن الذى لا يغني عن الحق شيئاً ، وإلا الخرص المبني على الوهم الكاذب ، والتقدير الباطل .وأصل الخرص : الحزر والتقدير للشيء على سبيل الظن لا على سبيل الحقيقة .قال الراغب : وحقيقة ذلك أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص ، سواء أكان مطابقاً للشيء أو مخالفاً له ، من حيث إن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع ، بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه - أى : كفعل من يخرص الثمرعلى الشجر - وكل من قال قولاً على هذا النحو قد يسمى كاذباً وإن كان قوله مطابقاً للمقول المخبر عنه .وقيل : الخرص : الكذب كما فى قوله - تعالى - ( وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) أي يكذبون .