Taa-Haa • AR-TAFSIR-AL-WASIT
﴿ قَالُوا۟ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَٱلَّذِى فَطَرَنَا ۖ فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِى هَٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَآ ﴾
“They answered: "Never shall we prefer thee to all the evidence of the truth that has come unto us, nor to Him who has brought us into being! Decree, then, whatever thou art going to decree: thou canst decree only [something that pertains to] this worldly life!”
ثم حكى - سبحانه - أن السحرة بعد أن استقر الإيمان فى قلوبهم ، قد قابلوا تهديد فرعون لهم بالاستخفاف وعدم الاكتراث فقال : ( قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ على مَا جَآءَنَا مِنَ البينات والذي فَطَرَنَا فاقض مَآ أَنتَ قَاضٍ . . . ) .أى : قال السحرة فى ردهم على تهديد فرعون لهم : لن نختارك يا فرعون ولن نرضى بأن نكون من حزبك ، ولن نقدم سلامتنا من عذابك . . . على ما ظهر لنا من المعجزات التى جاءنا بها موسى ، والتى على رأسها عصاه التى ألقاها فإذا هى تبتلع حبالنا وعصينا .وجملة " والذى فطرنا " الواو فيها للعطف على " ما " فى قوله ( مَا جَآءَنَا ) .أى : لن نختارك يا فرعون على الذى جاءنا من البينات على يد موسى ، ولا على الذى فطرنا أى؛ خلقنا وأوجدنا فى هذه الحياة .ويصح أن تكون هذه الواو للقسم ، والموصول مقسم به ، وجواب القسم محذوف دل عليه ما قبله ، والمعنى : وحق الذى فطرنما لن نؤثرك يا فرعون على ما جاءنا من البينات .وقوله : ( فاقض مَآ أَنتَ قَاضٍ ) تصريح منهم بأن تهديده لهم لا وزن له عندهم ، ورد منهم على قوله : ( لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ) .أى : لن نقدم طاعتك على طاعة خالقنا بعد أن ظهر لنا الحق ، فافعل ما أنت فاعله ، ونفذ ما تريد تنفيذه فى جوارحنا ، فهى وحدها التى تملكها ، أما قلوبنا فقد استقر الإيمان فيها ، ولا تملك شيئا من صرفها عما آمنت به .قال بعض العلماء : واعلم أن العلماء اختلفوا : هل فعل بهم فرعون ما توعدهم به ، أو لم يفعله بهم؟فقال قوم : قتلهم وصلبهم ، وقوم أنكروا ذلك ، وأظهرهما عندى : أنه لم يقتلهم ، وأن الله عصمهم منه لأجل إيمانهم الراسخ بالله - تعالى - لأن الله قال لموسى وهارون : ( أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون )