Saad • AR-TAFSIR-AL-WASIT
﴿ أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ ﴾
“[For,] would We treat those who have attained to faith and do righteous deeds in the same manner as [We shall treat] those who spread corruption on earth? Would We treat the God-conscious in the same manner as the wicked?”
ثم بين - سبحانه - أن حكمته قد اقتضت استحالة المساواة بين الأخيار والفجار ، فقال - تعالى - : ( أَمْ نَجْعَلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِي الأرض أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار ) .و " أم " فى الآية الكريمة منقطعة بمعنى بل الإِضرابية ، والهمزة للاستفهام الإِنكارى .والإضراب هنا انتقالى من تقرير أن هذا الكون لم يخلقه الله - تعالى - عبقا إلى تقرير استحالة المساواة بين المؤمنين والكافرين .والمعنى : وكما أننا لم نخلق هذا الكون عبثا ، كذلك اقتضت حكمتنا وعدالتنا . . استحالة المساواة - أيضا - بين المتقين والفجار .وذلك لأن المؤمنين المتقين ، قد قدموا لنا فى دنياهم ما يرضينا ، فكافأناهم على ذلك بما يرضيهم ، ويسعدهم ويشرح صدورهم ، ويجعلهم يوم القيامة خالدين فى جنات النعيم .أما المفسدون الفجار ، فقد قدموا فى دنياهم ما يغضبنا ويسخطنا عليهم ، فجازيناهم على ذلك بما يستحقون من عذاب السعير .وربك - أيها العاقل - " لا يضيع أجر من أحسن عملا " " ولا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون " .فالمقصود بالآية الكريمة إعلان استحالة التسوية فى الآخرة بين المؤمنين والكافرين ، لأن التسوية بينهما ظلم ، وهو محال عليه - تعالى - ، وما كان البعث والجزاء والثواب والعقاب يوم القيامة إلا ليجزى - سبحانه - الذين أساءوا بما عملوا ، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى ، .ومن الآيات التى تشبه فى معناها هذه الآية قوله - تعالى - : ( أَمْ حَسِبَ الذين اجترحوا السيئات أَن نَّجْعَلَهُمْ كالذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ).