Al-Ahqaf • AR-TAFSIR-AL-WASIT
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَٰفِلُونَ ﴾
“And who could be more astray than one who invokes, instead of God, such as will not respond to him either now or on the Day of Resurrection, and are not even conscious of being invoked?”
ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المشركين قد بلغوا الذروة فى ضلالهم وجهلهم فقال : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ القيامة ) .أى : لا أحد أشد ضلالا وجهلا من هؤلاء المشركين الذين يعبدون من دون الله - تعالى - آلهة ، هذه الآلهة لا تسمع كلامهم ، ولا تعقل نداءهم ، ولا تشعر بعبادتهم لها منذ أن عبدوها ، إلى أن تقوم الساعة .فإذا ما قامت الساعة ، تحولت هذه الآلهة - بجانب عدم شعورها بشئ إلى عدوة لهؤلاء العابدين لها .قال بعض العلماء : وفى قوله : ( إلى يَوْمِ القيامة ) نكتة حسنة ، وذلك أنه جعل يوم القيامة غاية لعدم الاستجابة ، ومن شأن الغاية انتهاء المغيا عندها . لكن عدم الاستجابة مستمر بعد هذه الغاية ، لأنهم فى يوم القيامة لا يستجيبون لهم .فالوجه - والله أعلم - أنها من الغايات المشعرة ، بأن ما بعدها وإن وافق ما قبلها ، إلا أنه أزيد منه زيادة بينة تلحقه بالثانى ، حتى كأنه الحالتين وإن كانتا نوعا واحدا ، لتفاوت ما بينهما كالشئ وضده ، وذلك أن الحالة الأولى التى جعات غايتها القيامة لا تزيد على عدم الاستجابة ، والحالة الثانية التى فى القيامة زادت على الاستجابة ، بالعداوة بالكفر بعبادتهم إياهم .ثم أكد - سبحانه - عدم إحساس الأصنام بعابديها فقال : ( وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ ) .أى : وهذه الاصنام عن عبادة عابديها غافلة ، لا تدرك شيئا ، ولا تحس بمن حولها .قال صاحب الكشاف : وإنما قيل " من " و " هم " لأنه أسند إليهم ما يسند إلى أولى العلم من الاستجابة والغفلة ، ولأنهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة .ويجوز أن يريد : كل معبود من دون الله من الجن والإِنس والأوثان .