Al-Ma'aarij • AR-TAFSIR-IBN-KATHIR
﴿ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ ﴾
“whereas such as seek to go beyond that [limit] are truly transgressors;”
فسمى من نكح ما لا يحل عاديا وأوجب عليه الحد لعدوانه, واللائط عاد قرآنا ولغة, بدليل قوله تعالى: "بل أنتم قوم عادون" [الشعراء: 166] وكما تقدم في "الأعراف"; فوجب أن يقام الحد عليهم, وهذا ظاهر لا غبار عليه. فلت: فيه نظر, ما لم يكن جاهلا أو متأولا, وإن كان الإجماع منعقدا على أن قوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" خص به الرجال دون النساء; فقد روى معمر عن قتادة قال: تسررت امرأة غلامها; فذكر ذلك لعمر فسألها: ما حملك على ذلك؟ قالت: كنت أراه يحل لي ملك يميني كما يحل للرجل المرأة بملك اليمين; فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: تأولت كتاب الله عز وجل على غير تأويله, لا رجم عليها. فقال عمر: لا جرم! والله لا أحلك لحر بعده أبدا. عاقبها ط لك ودرأ الحد عنها, وأم العبد ألا يقربها. وعن أبي بكر بن عبدالله أنه سمع أباه يقول: أنا حضرت عمر ابن عبدالعزيز جاءته امرأة بغلام لها وضيء فقالت: إني استسررته فمنعني بنو عمي عن ذلك, وإنما أنا بمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها; فإنه عني بني عمي; فقال عمر: أتزوجت قبله؟ قالت نعم; قال: أما والله لولا منزلتك من الجهالة لرجمتك بالحجارة; ولكن اذهبوا به فبيعوه إلى من يخرج به إلى غير بلدها. و "وراء" بممنى سوى, وهو مفعول ب "ابتغى" أي من طلب سوى الأزواج والولائد المملوكة له. وقال الزجاج: أي فمن ابتغى ما بعد ذلك; فمفعول الابتغاء محذوف, و "وراء" ظرف. و "ذلك" يشار به إلى كل مذكور مؤنثا كان أو مذكرا. "فأولئك هم العادون" أي المجاوزون الحد; من عدا أي جاوز الحد وجازه.