slot qris slot gacor terbaru slot gacor terbaik slot dana link slot gacor slot deposit qris slot pulsa slot gacor situs slot gacor slot deposit qris slot qris bokep indo
| uswah-academy
WhatsApp Book A Free Trial
القائمة

🕋 تفسير سورة الطور

(At-Tur) • المصدر: AR-TAFSIR-AL-WASIT

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ وَالطُّورِ

📘 افتتح الله - تعالى - هذه السورة الكريمة بالقسم خمسة أشياء هى من أعظم مخلوقاته ، للدلالة على كمال قدرته ، وبديع صنعته ، وتفرد ألوهيته . . . فقال - سبحانه - : ( والطور ) والمراد به جبل الطور ، والمشار إليه فى قوله - تعالى - : ( والتين والزيتون وَطُورِ سِينِينَ ) قال القرطبى : والطور : اسم الجبل الذى كلم الله - تعالى - عليه موسى ، أقسم الله به تشريفا وتكريما له ، وتذكيرا لما فيه من الآيات . . . وقيل : إن الطور اسم لكل جبل أنبت ، ومالا ينبت فليس بطور .

وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا

📘 ( وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً ) أى عذاب ربك واقع يوم تضطرب السماء بأهلها وتزول الجبال عن أماكنها ، وتتطاير كالسحب ، ثم تتفت كالرمال ، ثم تصير كالصوف المنفوش .قال - تعالى - : ( وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) وقال - سبحانه - : ( يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل وَتَكُونُ الجبال كالعهن وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ).

فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

📘 وقوله : ( فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) أى : فهلاك وحسرة فى هذا اليوم للمكذبين به .

الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ

📘 ( الذين هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ) أى : إذا كان الأمر كما ذكرنا لك - أيها العاقل - فهلاك وحسرة فى هذا اليوم للمكذبين بالحق ، الذين هم عاشوا حياتهم الدنيا يلهون ويلعبون دون أن يذكروا حسابا ولا ثوابا ولا عقابا .وأصل الخوض : المشى فى الماء ، ثم غلب استعماله فى الاندفاع فى كل باطل .

يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا

📘 ثم بين - سبحانه - حالهم يوم القيامة فقال : ( يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هذه النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) .والدع : الدفع بعنف وشدة . يقال : دَعَّ فلان فلانا دَعَّا ، إذا دفعه بجفوة وغلظة ، ومنه قوله - تعالى - : ( أَرَأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ بالدين فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم ) أى : اذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ ، يوم يدفع هؤلاء المكذبون إلى النار دفعا قويا . لا رحمة معه ، ولا شفقة فيه .

هَٰذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ

📘 ثم يقال لهم بعد هذا الطرد الشديد : هذه هى النار التى كنتم بها تكذبون فى الدنيا ، ادخلوها فبئس مئوى المتكبرين .

أَفَسِحْرٌ هَٰذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ

📘 ثم يقال لهم - أيضا - على سبيل التوبيخ والزجر : ( أَفَسِحْرٌ هذا ) أى أفسحر هذا الذى ترونه من العذاب كما كنتم تزعمونه فى الدنيا؟( أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ ) أى : أم أنتم عمى عن مشاهدة العذاب المعد لكم فلا تبصرونه؟ لا ، إن هذا العذاب ليس سحرا ، ولستم أنتم بمحجوبين عن رؤيته ، بل هو أمام أعينكم ، ومهيأ لاستقبالكم ، وهذه النار تناديكم ، وملائكتنا تقول لكم :

اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ۖ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

📘 ( اصلوها ) أى : ادخلوها ، وقاسوا حرها ( فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ ) أى : ادخلوها داخرين فاصبروا على سعيرها أو لا تصبروا ، فهى مأواكم لا محالة .( سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ ) الأمران ، الصبر وعدمه ، لأن كليهما لا فائدة لكم من روائه .فقوله : ( سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ ) خبر لمبتدأ محذوف . أى : الأمران سواء بالنسبة لكم .( إِنَّمَا تُجْزَوْنَ ) فى هذا اليوم عاقبة ، ( مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) أى : فى الدنيا .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم علل استواء الصبر وعدمه بقوله : ( إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ؟قلت : لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع ، لنفعة فى العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير ، فأما الصبر على العذاب الذى هو الجزاء ، ولا عاقبة له ولا منفعة ، فلا مزية له على الجزع .

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ

📘 وكعادة القرآن الكريم فى المقارنة بين سوء عاقبة المكذبين ، وحسن عاقبة المؤمنين ، جاء الحديث عن المتقين ، بعد الحديث عن الكافرين ، فقال - تعالى - : ( إِنَّ المتقين . . . ) .المعنى : ( إِنَّ المتقين ) الذين صانوا أنفسهم عن كل ما نهى الله - تعالى - عنه .( فِي جَنَّاتٍ ) عظيمة وفى ( وَنَعِيمٍ ) دائم لا ينقطع .

فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ

📘 ( فَاكِهِينَ ) أى : متلذذين متنعمين بما يحيط بهم من خيرات ، مأخوذ من الفَكاهة - بفتح الفاء - وهى طيب العيش مع النشاط ، يقال : فكه الرجل فكَها ، وفكاهة فهو فكِه وفاكه . إذا طاب عيشه ، وزاد سروره ، وعظم نشاطه ، وسميت الفاكهة بهذا الاسم لتلذذ الإنسان بها .( بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الجحيم ) أى متلذذين بسبب ما آتاهم ربهم من جنات عظيمة ، ووقاهم - سبحانه - بفضله ورحمته العذاب الذى يؤلمهم .

كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

📘 ويقال لهم فضلا عن ذلك على سبيل التكريم : ( كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً ) أى : كلوا أكلا مريئا ، واشربوا شربا هينئا . والهنىء من المأكول والمشروب : مالا يلحقه تعب أو سوء عاقبة .

وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ

📘 ( وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ ) أى مكتوب متسق الكتابة ، منتظم الحروف ، مرتب المعانى ، فالمراد بالكتاب : المكتوب . وبالمسطور : الذى سطرت حروفه وكلماته تسطيرا جميلا حسنا .والأظهر أن المقصود به القرآن الكريم ، لأن الله - تعالى - قد أقسم به كثيراً ، ومن ذلك قوله - سبحانه - ( حما والكتاب المبين ) ( يسا والقرآن الحكيم ) وقيل المقصود به : جنس الكتب السماوية المنزلة . وقيل : صحائف الأعمال .قال الألوسى : قوله : ( وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ ) أى : مكتوب على وجه الانتظام ، فإن السطر ترتيب الحروف المكتوبة . والمراد به على ما قال الفراء : الكتاب الذى تكتب فيه الأعمال ، ويعطاه العبد يوم القيامةة بيمينه أو بشماله ، وقال الكلبى : هو التوراة . وقيل : القرآن الكريم وقيل : اللوح المحفوظ .

مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ ۖ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ

📘 وقوله : ( مُتَّكِئِينَ على سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ ) منصوب على الحال من فاعل ( كُلُواْ ) أو من الضمير المستكن فى قوله ( جَنَّاتٍ ) .أى : هم فى جنات عظيمة ، حالة كونهم متكئين فيها على سرر موضوعة على صفوف منتظمة ، وعلى خطوط مستوية ، والسُّررُ : جمع سرير وهو ما يجلس عليه الإنسان للراحة .وقوله : ( وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ) بيان لنعمة أخرى من النعم التى يتلذذون بها .أى : وفضلا عن كل ذلك ، فقد زوجناهم بنساء جميلات .وبذلك نرى أن هؤلاء المتقين ، قد أكرمهم الله - تعالى - بكل أنواع النعيم ، من مسكن طيب ، ومأكل كريم ، ومشرب هنىء ، وأزواج مطهرات من كل سوء .

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ

📘 ثم بين - سبحانه - أنواعا أخرى من تكريمه - تعالى - لهم ، فقال : ( والذين آمَنُواْ واتبعتهم ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ) .والأية الكريمة بيان لحال طائفة من أهل الجنة - وهم الذين شاركتهم ذريتهم الأقل عملا منهم فى الإيمان - إثر بيان حال المتقين بصفة عامة .والاسم الموصول مبتدأ ، وخبره جملة ( أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) . والمراد بالذرية هنا : ما يشمل الآباء والأبناء وقوله : ( واتبعتهم ) معطوف على ( آمَنُواْ ) . وقوله ( بِإِيمَانٍ ) متعلق بالاتباع ، والباء للسببية أو بمعنى فى .ومعنى : ( أَلَتْنَاهُمْ ) أنقصناهم . يقال : فلان أَلَتَ فلانا حقه يألِتُه - من باب ضرب - إذا بخسه حقه .والمعنى : والذين آمنوا بنا حق الإيمان واتبعتهم ذريتهم فى هذا الإيمان ، ألحقنا بهم ذريتهم ، بأن جمعناهم معهم فى الجنة ، وما نقصنا هؤلاء المتبوعين شيئا من ثواب أعمالهم ، بسبب إلحاق ذريتهم بهم فى الدرجة ، بل جمعنا بينهم فى الجنة . وساوينا بينهم فى العطاء - حتى ولو كان بعضهم أقل من بعض فى الأعمال - فضلا منا وكرما .قال الإمام ابن كثير : يخبر - تعالى - عن فضله وكرمه ، وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه : أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم فى الإيمان ، يلحقهم بآبائهم فى المنزلة وإن لم يبلغوا عملهم ، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم فى منازلهم ، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه ، بأ ، يرفع الناقص العمل بكامل العمل ، ولا ينقص ذاك من عمله ومنزلته .للتساوى بينه وبين ذاك . ولهذا قال : ( أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ) .عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن فى درجته ، وإن كانوا دونه فى العمل ، لتقر بهم عينه ، ثم قرأ هذه الآية .وفى رواية أخرى عنه قال - عندما سئل عن هذه الآية - : هم ذرية المؤمنين يموتون على الإيمان ، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ، ولم ينقصوا من أعمالهم التى عملوها شيئا .وقال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى تنكير الإيمان؟ قلت : معناه الدلالة على أنه إيمان خاص عظيم المنزلة ، ويجوز أن يراد : إيمان الذرية الدانى المحل ، كأنه قال : بشىء من الإيمان ، لا يؤهلهم لدرجة الآباء الحقناهم بهم .قال الجمل : والذرية هنا تصدق على الآباء والأبناء ، فإن المؤمن إذا كان عمله الصالح أكثر ألحق به من هو دونه فى العمل أبا كان أو ابنا ، وهذا منقول عن ابن عباس وغيره .وعن ابن عباس - أيضا - يرفعه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ ، سأل أحدهم عن أبويه وعن زوجته وولده ، فيقال : إنهم لم يدركوا ما أدركت ، فيقول : يارب إنى عملت لى ولهم ، فيؤمر بإلحاقهم به " .وقوله : ( كُلُّ امرىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ ) أى : كل إنسان مرهون بعمله عند الله - تعالى - فإن كان عمله صالحا سعد وفاز ، وأطلق نفسه من كل ما يسوؤها ويحزنها ، وإن كان غير ذلك جوزى على حسب عمله وسعيه .والتعبير بقوله ( رَهَينٌ ) للإشعار بأن كل إنسان مرتهن بعمله ، حتى لكأن العمل بمنزلة الدَّيْن ، وأن الإنسان لا يستطيع الفكاك منه إلا بعد أدائه .

وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ

📘 ثم بين - سبحانه - جانبا آخر من مظاهر فضله على عباده المؤمنين فقال : ( وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ) . أى : وأمددنا هؤلاء المؤمنين - على سبيل الزيادة عما عندهم بفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وبلحم لذيذ تشتهيه نفوسهم .

يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ

📘 ( يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً ) أى : يتجاذبون على سبيل المداعبة ، ويتعاطون على سبيل التكريم ، الأوانى المملوءة بالخمر التى هى لذة للشاربين .( لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ ) أى : لا يصدر منهم فى أعقاب شربهم لتلك الخمر ، ما جرت به العادة فى أعقاب شرب خمر الدنيا ، من أن الشارب لها يصدر منه كلام ساقط لا خير فيه ، ويأتى من ألقوال والأفعال ما يعاقب عليه . ويرتكب الإثم بسببه .قال صاحب الكشاف : ( لاَّ لَغْوٌ فِيهَا ) أى : فى سربها ( وَلاَ تَأْثِيمٌ ) أى : لا يتكلمون فى أثناء الشرب بسقط الحديث ، ومالا طائل تحته ، كفعل المتنادمين فى الدنيا على الشراب فى سفههم وعربدتهم ، ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله ، أى : ينسب إلى الإثم لو فعله فى دار التكليف من الكذب والشتم والفواحش ، وإنما يتكلمون بالحكم وبالكلام الحسن متلذذين بذلك ، لأن عقولهم ثابتة غير زائلة وهم حكماء علماء .

۞ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ

📘 ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ ) أى : ويطوف عليهم بتلك الكئوس المليئة بالخمر ، غلمان لهم ، لكى يكونوا فى خدمتهم .( كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ) أى : كأن هؤلاء الغلمان فى صفائهم ونقائهم ، لؤلؤ مصون ومحفوظ فى صدفه لم تنله الأيدى .يقال : كَنَنْتُ الشىء كَنًّا وكُنُوناً ، إذا جعلته فى كِنِّ ، وسترته عن الأعين .

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ

📘 ثم حكى - سبحانه - تساؤلهم وهم فى الجنة ، فقال : ( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ) أى : وأقبل بعضهم على بعض وهم فى الجنة ، يسأل أحدهم الآخر عن أحواله وعن أعماله ، وعن حسن عاقبته .

قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ

📘 ( قالوا ) أى : قال كل مسئول لسائله : ( إِنَّا كُنَّا قَبْلُ في أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ) أى : إنا كنا فى الدنيا ونحن نعيش بين أهلنا خائفين من أهوال يوم القيامة .

فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ

📘 وكنا نقدم العمل الصالح الذى نرجو أن ننال بسببه رضا ربنا : فقبل - تعالى - بفضله منا هذا العمل ( فَمَنَّ الله عَلَيْنَا ) أى فتكرم علينا بمغفرته ورضوانه .( وَوَقَانَا عَذَابَ السموم ) أى : وأنقذنا من عذاب النار التى تنفذ بحرها وسعيرها ، إلى العظام والمسام ، نفاذ الريح الحارة إلى الأجساد ، فتؤثر فيها تأثير السم فى البدن .قال صاحب الكشاف : والسموم : الريح الحارة التى تدخل المسام ، فسميت بها نار جهنم ، لأنها بهذه الصفة .

إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ

📘 ( إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ . . ) أى : إنا كنا من قبل فى الدنيا ندعوه أن يجنبنا هذا العذاب كما كنا - أيضا - نخلص له العبادة والطاعة .( إِنَّهُ ) - سبحانه - ( هُوَ البر الرحيم ) أى : هو المحسن على عباده ، الرحيم بهم .فالبر - بفتح الباء - مشتق من البِرِّ - بكسرها - ، بمعنى المحسن ، يقال : بر فلان فى يمينه ، إذا صدق فيها ، وأحسن أداءها .وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة ، قد بشرت المتقين ببشارات متعددة ، وذكرت نعما متعددة أنعم بها - سبحانه - عليهم .

فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ

📘 ثم عادت السورة الكريمة مرة أخرى إلى الحديث عن الكافرين ، فأمرت النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يمضى فى طريقه دون أن يهتم بأكاذيبهم ، وحكت جانبا من هذه الأكاذيب التى قالوها فى حقه - صلى الله عليه وسلم - ولقتنه الجواب المزهق لها . . . فقال - تعالى - : ( فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ . . . ) .الفاء فى قوله - سبحانه - : ( فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ ) للإفصاح . والكاهن : هو الإنسان الذى يزعم أنه يخبر عن الأشياء المغيبة ، والمجنون : هو الإنسان الذى سلب عقله ، فصار لا يعى ما يقول .أى : إذا كان الأمر كما ذكرنا لك قبل ذلك - أيها الرسول الكريم - فاثبت على ما أنت عليه من التذكير بما أوحينا إليك . . فما أنت بسبب إنعام الله عليك بكاهن ولا مجنون كما يزعم أولئك الكافرون .قال الجمل : والباء فى قوله ( بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ) للسببية ، وهى متعلقة بالنفى الذى أفادته " ما " أى : انتفى كونك كاهنا أو مجنونا ، بسبب إنعام الله عليك بالعقل الراجح ، وعلو الهمة ، وكرم الفعال ، وطهارة الأخلاق ، وهم معترفون بذلك لك قبل النبوة .

فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ

📘 وقوله : فى ( فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ ) متعلق بمسطور . أى : مسطور فى رق . والرق - بالفتح - كل ما يكتب فيه من ألواح وغيرها . وأصله : الجلد الرقيق الذى يكتب عليه .والمنشور : المبسوط ، ومنه قوله - تعالى - ( وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ) أى : أن هذا الكتاب المسطور ، كائن فى صحائف مبسوطة ظاهرة لكل من ينظر إليها .

أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ

📘 ثم أخذت السورة الكريمة فى تقريع هؤلاء الجاهلين بأسلوب استنكارى فيه ما فيه من التعجب من جهالاتهم . وفيه ما فيه من الرد الحكيم على أكاذيبهم ، فساقت أقاويلهم بهذا السلوب الذى تكرر فيه لفظ " أم " خمس عشرة مرة ، وكلها إلزامات ليس لهم عنها جواب . وبدأت بقوله - تعالى- : ( أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين ) ، و " أم " فى هذه الآيات بمعنى بل والهمزة .وقوله : ( نَّتَرَبَّصُ ) من التربص بمعنى الانتظار والترقب .وقوله : ( رَيْبَ المنون ) يعنون به : حوادث الدهر التى تحدث له - صلى الله عليه وسلم - منها الموت . فالمنون : الدهر ، وريبه : حوادثه التى يصيبه بسببها الهلاك .أى : بل أيقولون عنك - أيها الرسول الكريم - إنك شاعر ، وأنهم يترقبون موتك لكى يستريحوا منك . كما استراحوا من الشعراء الذين من قبلك ، كزهير والنابغة . . . قل لهم على سبيل التبكيت والتهديد : تربصوا وترقبوا موتى فإنى معكم من المنتظرين ، وستعلمون أينا خير مقاما وأحسن عاقبة .قال الآلوسى : ( نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون ) أى : الدهر ، وهو فعول من المَنِّ بمعنى القطع؛ لأنه يقطع الأعمال وغيرها ، ومنه حبل مَنِين أى : مقطوع ، والريب : مصدر رابه أذا أقلقه ، أريد به حوادث الدهر وصروفه ، لأنها تقلق النفوس ، وعبر عنها بالمصدر مبالغة . . . وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس ، تفسيره المنون بالموت .روى أن قريشا اجتمعت فى دار الندوة ، وكثرت آراؤهم فيه - صلى الله عليه وسلم - حتى قال قائل منهم : تربصوا به ريب المنون ، فإنه شاعر سيهلك كما هلك زهير والنابغة والأعشى ، فافترقوا على هذه المقالة .

قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ

📘 ثم أخذت السورة الكريمة فى تقريع هؤلاء الجاهلين بأسلوب استنكارى فيه ما فيه من التعجب من جهالاتهم . وفيه ما فيه من الرد الحكيم على أكاذيبهم ، فساقت أقاويلهم بهذا السلوب الذى تكرر فيه لفظ " أم " خمس عشرة مرة ، وكلها إلزامات ليس لهم عنها جواب . وبدأت بقوله - تعالى- : ( أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين ) ، و " أم " فى هذه الآيات بمعنى بل والهمزة .وقوله : ( نَّتَرَبَّصُ ) من التربص بمعنى الانتظار والترقب .وقوله : ( رَيْبَ المنون ) يعنون به : حوادث الدهر التى تحدث له - صلى الله عليه وسلم - منها الموت . فالمنون : الدهر ، وريبه : حوادثه التى يصيبه بسببها الهلاك .أى : بل أيقولون عنك - أيها الرسول الكريم - إنك شاعر ، وأنهم يترقبون موتك لكى يستريحوا منك . كما استراحوا من الشعراء الذين من قبلك ، كزهير والنابغة . . . قل لهم على سبيل التبكيت والتهديد : تربصوا وترقبوا موتى فإنى معكم من المنتظرين ، وستعلمون أينا خير مقاما وأحسن عاقبة .قال الآلوسى : ( نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون ) أى : الدهر ، وهو فعول من المَنِّ بمعنى القطع؛ لأنه يقطع الأعمال وغيرها ، ومنه حبل مَنِين أى : مقطوع ، والريب : مصدر رابه أذا أقلقه ، أريد به حوادث الدهر وصروفه ، لأنها تقلق النفوس ، وعبر عنها بالمصدر مبالغة . . . وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس ، تفسيره المنون بالموت .روى أن قريشا اجتمعت فى دار الندوة ، وكثرت آراؤهم فيه - صلى الله عليه وسلم - حتى قال قائل منهم : تربصوا به ريب المنون ، فإنه شاعر سيهلك كما هلك زهير والنابغة والأعشى ، فافترقوا على هذه المقالة .

أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ

📘 ثم وبخهم - سبحانه - على غفلتهم وعنادهم فقال : ( أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بهاذآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) .والأحلام : جمع حِلْم - بكسر الحاء - والمراد بها هنا : العقول . وكان شيوخ قريش يدعون بذى الأحلام والنهى .ويطلق الحلم فى الأصل على ضبط النفس عن هيجان الغضب . وأطلق هنا على العقل لكونه منشأ له .أى : بل أتأمرهم عقولهم التى زعموا سلامتها ، بأن يقولوا فى شأنك - أيها الرسول الكريم - إنك شاعر أم مجنون؟لا ، إن أى عقل سليم لم يأمرهم بذلك ، وإنما هم قوم دأبهم الطغيان والعناد وتجاوز الحدود التى لا يجوز تجاوزها .والعقول إذا استعملت فى الشرور والآثام ، ضاع رشدها ، وفقدت سلامتها .ولقد قيل لعمرو بن العاص . رضى الله عنه - : ما بال قومك لم يؤمنوا وهم أصحاب الأحلام؟ فقال : تلك عقول كادها الله - تعالى - أى : لم يصحبها التوفيق والرشاد .

أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ۚ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ

📘 ( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ ) والتقول : تكلف القول واختلاقه . وأكثر ما يكون استعمالا فى الكذب ، يقال : فلان تقول على فلان ، إذا افترى عليه الكذب . أى : بل أيقولون عنك - أيها الرسول - إن افتريت هذا القرآن ، واختلقته من عند نفسك ، لا إنك معصوم عن ذلك ، وأنت ما نطقت إلا بما أوحيناه إليك ، ولكنهم هم المفترون للكذب عليك ، وما حملهم على ذلك إلا عدم إيمانهم بالحق ، وانغماسهم فى الباطل ، وإصرارهم على الجحود .

فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ

📘 وإذا كان الأمر - كما زعموا - فها هو ذا القرآن أمامهم يسمعون آياته . . . فليأتوا بحديث يشابه القرآن فى بلاغته . وهدايته ، وسمو تشريعاته وآدابه .وقد تحداهم - سبحانه - فى آيات أخرى أن يأتوا بعشر سور من مثله فقال : ( أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وادعوا مَنِ استطعتم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ثم تحداهم سبحانه - أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فقال : ( وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا على عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وادعوا شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) ولكنهم فى جميع مراحل التحدى ، وقفوا عاجزين مبهوتين ، فثبت أن هذا القرآن من عند الله ، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .

أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ

📘 ثم وبخهم - سبحانه - على عدم تفكرهم فى خلق أنفسهم فقال : ( أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون أَمْ خَلَقُواْ السماوات والأرض بَل لاَّ يُوقِنُونَ ) .أى : بل أَخُلِقُوا على هذه الكيفية البديعة ، والهيئة القويمة ، من غير أن يكون هناك خالق لهم؟ أم هم الذين خلقوا أنفسهم بدون احتياج لخالق؟ أم هم الذين قاموا بخلق السموات والأرض؟لا ، إن شيئا من ذلك لم يحدث ، فإنهم لم يُخْلَقُوا من غير شىء ، وإنما الذى خلقهم بقدرته - تعالى - هو الله وحده ، كما خلق - سبحانه - السموات والأرض بقدرته - أيضا - وهم يعترفون بذلك ، كما فى قوله - تعالى - : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله ) ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله . . )

أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَلْ لَا يُوقِنُونَ

📘 وقوله : ( بَل لاَّ يُوقِنُونَ ) أى : هم ليسوا على يقين من أمرهم ، وإنما هم يخبطون خبط عشواء ، فهم مع اعترافهم بأن الله - تعالى - هو الذى خلقهم ، إلا أن هذا الاعتراف صار كالعدم ، لأنهم لم يعملوا بموجبه ، من إخلاص العبادة له - تعالى - والإيمان بالحق الذى جاءهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند خالقهم .

أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ

📘 ثم قال - تعالى - : ( أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المصيطرون ) أى : بل أعند هؤلاء الغافلين ( خَزَآئِنُ رَبِّكَ ) أى : مفاتيح أرزاقه - تعالى - لعباده ، وقدراته لهم ، حتى يقسموها عليهم كما شاءوا ، أم هم المصيطرون على أحوال هذا الكون ، المتسلطون على مقدراته ، حتى لكأنهم أربابه المتغلبون عليه؟

أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ۖ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ

📘 كلا لا شىء لهم من ذلك إطلاقا ، وإنما هم وغيرهم فقراء إلى رزق الله - تعالى - لهم ( أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ . . . ) والسلم : هو ما يتصل به إلى الأمكنة العالية .أى : بل ألهم سلم يصعدون بواسطته إلى السماء ، ليستمعوا إلى وحينا وأمرنا ونهينا . . .إن كان أمرهم كذلك : ( فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ) أى : فليأت من استمع منهم إلى شىء من كلامنا أو وحينا بحجة واضحة تدل على صدقه فيما ادعاه .ومما لا شك فيه أنهم لا حجة لهم ، بل هم كاذبون إذا ما ادعوا ذلك ، لأن وحى الله - تعالى - خاص بأناس معينين ، ليسوا منهم قطعا .

أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ

📘 ( أَمْ لَهُ البنات وَلَكُمُ البنون ) أى : بل أيقولون إن الله - تعالى - البنات ولهم الذكور ، إن قولهم هذا من أكبر الأدلة على جهلهم وسوء أدبهم . لأن الله - تعالى - هو الخالق للنوعين ، وهو - سبحانه - ( يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذكور ).

وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ

📘 وقوله . ( والبيت المعمور ) هو بيت فى السماء السابعة تطوف به الملائكة بأمر الله - تعالى - .قال ابن كثير : ثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فى حديث الإسراء والمعراج ، بعد مجاوزته إلى السماء السابعة : " ثم رفع بى إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله فى كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة " .وقيل المراد بالبيت المعمور هنا : البيت الحرام ، وسمى بذلك لأنه معمور بالحجاج والعمار .

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ

📘 ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ) أى : بل أتسألهم أجرا على دعوتك إياهم إلى الحق ، فهم بسبب ذلك قد أثقلتهم الديون والمغارم ، فصاروا ينفرون من دعوتك؟ كلا إنك لم تطلب منهم شيئا من ذلك .والمغرم : الدين الذى يكون على الإنسان ، فيثقل كاهله ، ويحزن نفسه .

أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ

📘 ( أَمْ عِندَهُمُ الغيب فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) أى : بل أيزعمون أن عندهم علم الغيب فهم يكتبونه للناس ، ويطلعونهم عليه . . ؟كلا إنهم لا علم لهم بشىء من الغيب ، لأن علم الغيب مرده إلى الله - تعالى - وحده ، كما قال - سبحانه - : ( عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ ).

أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ

📘 ( أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فالذين كَفَرُواْ هُمُ المكيدون ) أى : بل أيريدون بك - أيها الرسول الكريم - الكيد والأذى والهلاك ، إن كانوا يريدون بك ذلك فاعلم أن الذين كفروا بك وبدعوتك وأرادوا بك وبها الكيد والأذى ، هم المغلوبون الخاسرون الذين يحيق بهم كيدهم ويعود عليهم وباله .فقوله : ( المكيدون ) اسم مفعول من الكيد ، وهو المكر والخبث .. .وقد عاد عليهم وبال مكرهم فعال ، فقد خرج - صلى الله عليه وسلم - من بين جموعهم ليلة الهجرة ، دون أن يروه ، وكانوا محيطين بداره ليقتلوه ، وأحبط الله - تعالى - مكرهم .

أَمْ لَهُمْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ

📘 ( أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ ) . أى : بل ألهم إله غير الله - تعالى - يرزقهم من فضله ، ويرعاهم بلطفه فى جميع أطوار حياتهم .كلا إنهم لا إله لهم سواه - تعالى - وتنزه - سبحانه - عن شركهم وكفرهم .

وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ

📘 ( وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السمآء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ) والكِسْف جمع كِسْفة وهى القطعة من الشىء ، والمركوم : المتراكم الذى تجمع بعضه فوق بعض .أى : وإذا رأى هؤلاء الجاهلون قطعة عظيمة من العذاب نازلة عليهم لتهديدهم وزجرهم . قالوا : هذا النازل علينا سحاب متراكم ، قد اجتمع بعضه فوق بعض ليسقينا ، ولم يصدقوا أنه نذير عذاب شديد لهم . وهذا شأن الطغاة المعاندين ، وقد سبقهم إلى ذلك قوم عاد ، فإنهم حين رأوا العذاب مقبلا نحوهم قالوا ( هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ) فرد الله - تعالى - عليهم بقوله ( بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) هذا : والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة : يراها قد حملت على المشركين حملة شديدة ، حيث وبختهم على جهالاتهم ، وتحدتهم بأسلوب تعجيزي أن يأتوا بمثل القرآن الكريم ، وتهكمت بهم وبعقولهم الفارغة التى انقادوا لها بدون تفكر أو تدبر ، وبينت أنهم قوم متناقضون مع أنفسهم ، لأنهم يقرون أن الله - تعالى - هو الخالق لهم ولغيرهم ، ومع ذلك فهم يعبدون غيره . وينسبون البنات إليه دون البنين .وقد ذكر بعض المفسرين أن ما أصابهم من هزيمة يوم بدر ، كان فى السنة الخامسة عشرة من بعثته - صلى الله عليه وسلم - وأن هذه الآيات قد تكرر فيها لفظ " أم " خمس عشرة مرة ، بعدد هذه السنين ، ولذا قالوا : إن ذلك فيه إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم .

فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ

📘 ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة . بتوجيه الخطاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، على سبيل التسلية والتكريم ، حيث أمره - سبحانه - بالإعراض عنهم ، لأنه - سبحانه - هو الذى سيتولى حسابهم وعقابهم . . . فقال - تعالى - : ( فَذَرْهُمْ . . ) .الفاء فى قوله - سبحانه - : ( فَذَرْهُمْ . . . ) واقعة فى جواب شرط مقدر . أى : إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم - فاتركهم فى طغيانهم يعمهون . .( حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) أى : فدعهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم اليوم الذى فيه يموتون ويهلكون .قال القرطبى : قوله ( يُصْعَقُونَ ) بفتح الياء قراءة العامة . وقرأ ابن عامر وعاصم بضمها . قال الفراء : هما لغتان : صَعِق وصُعِقَ مثل سَعِد وسُعِد . قال قتادة : يوم يموتون . وقيل : هو يوم بدر ، وقيل : يوم النفخة الأولى . وقيل : يوم القيامة يأتيهم فيه من العذاب ما يزيل عقولهم . . .

يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ

📘 وقوله : ( يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً . . . ) بدل من قوله : ( يَوْمَهُمُ ) . أى : اتركهم - أيها الرسول الكريم - ولا تكترث بهم . وامضى فى دعوتك إلى الحق ، فعما قريب سيأتيهم اليوم الذى لن ينفعهم فيه مكرهم السيِّىء ، وكيدهم القبيح . . .( وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ) فيه من عقابنا من أى جهة من الجهات ، أو من أى شخص من الأشخاص .

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

📘 ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ) وهم هؤلاء الكافرون ( عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ ) أى : عذابا آخر دون ذلك العذاب الذى سينزل بهم عند موتهم وفى حياتهم .( ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) لا يعلمون ذلك ، لجهلهم بما سينتظرهم من عقاب .

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ

📘 ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، بتلك التسلية الرقيقة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( واصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا . . ) .أى : واصبر - أيها الرسول الكريم - ( لِحُكْمِ رَبِّكَ ) إلى أن ننزل بهم عقابنا فى الوقت الذى نشاؤه ونختاره ( فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) أى : فإنم بمرأى منا وتحت رعايتنا وحمايتنا وحفظنا .( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) أى : وأكثر من تسبيح ربك وتنزيهه عن كل مالا يليق به حين تقوم من منامك ، أو من مجلسك ، أو حين تقوم للصلاة .

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ

📘 ( وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ ) أى : ومن الليل فأكثر من تسبيح ربك ( وَإِدْبَارَ النجوم ) أى : وأكثر من تسبيحه - تعالى - قد أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالإكثار من التسبيح له - عز وجل - فى كل الأوقات ، لأن هذا التسبيح يجلو عن النفس همومها وأحزانها . . .وبعد : فهذا تفسير لسورة " الطور " نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده . . .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ

📘 ( والسقف المرفوع ) ، أى : والسماء المرفوعة ، وسميت سقفا لكونه بمثابة السقف للأرض كما قال - تعالى - : ( وَجَعَلْنَا السمآء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ).

وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ

📘 ( والبحر المسجور ) أى : المملوء بالماء ، يقال ، سجر فلان الحوض إذا ملأه بالماء .أو المسجور : بمعنى : المملوء بالنار من السَّجْر ، وهو إيقاد النار فى التنور ، ومنه قوله - تعالى - : ( . . . فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ ) والمراد بالبحر هنا : جنسه . قال ابن عباس : تملأ البحار كلها يوم القيامة بالنار ، فيزاد بها فى نار جهنم .وبهذا نرى أن الله - تعالى - قد أقسم بخمسة أشياء من مخلوقاته ، للدلالة على وحدانيته ، وعلى شمول قدرته ، وعلى بديع صنعته .

إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ

📘 وجواب هذا القسم قوله - سبحانه - : ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ) أى : وحق هذه المخلوقات الضخمة البديعة ، إن عذاب ربك لواقع وقوعا لا شك فيه على الكافرين يوم القيامة .

مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ

📘 وقوله : ( مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ ) خبر ثان لإن فى قوله : ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ) أى : هو واقع دون أن يستطيع أحد أن يدفعه أو يرده .عن جبير بن مطعم - رضى الله عنه - قال : قدمت المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأكلمه فى أسارة بدر ، فجئت إليه وهو يصلى بأصحابه صلاة المغرب ، فسمعته يقرأ ( والطور ) ألى ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ ) فكأنما صدع قلبى ، فأسلمت خوفا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم مقامى . . .

يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا

📘 والظرف فى قوله : ( يَوْمَ تَمُورُ السمآء مَوْراً ) متعلق بقوله ( لَوَاقِعٌ ) ومنصوب به ، أى : إن هذا العذاب لواقع يوم تضطرب السماء اضطرابا شديدا ، وتتحرك بمن فيها تحكرا تتداخل معه أجزاؤها .فالمور . هو الحركة والاضطراب والدوران ، والمجىء والذهاب ، والتموج والتكفُّؤُ ، يقال : مار الشىء مورا ، إذا تحرك واضطرب .